أفغانية تقاوم "التحرش الجنسي" بـ"بدلة حديدية"
تعرضت الفنانة الاستعراضية الأفغانية كوبرا خادمي، للتحرش لأول مرة على يد غريب في الشارع، حينما كانت تبلغ من العمر 4 سنوات فقط، وتتذكر التفكير في شيء واحد في ذلك الوقت "تمنيت لو أن ملابسي الداخلية مصنوعة من الحديد".
لذا بعد أكثر من 20 عامًا، الأسبوع الماضي، صنعت درعًا حديديًا مكون من صدر كبير ومؤخرة، وارتدته في شوارع كابول احتجاجًا على وباء التحرش في أفغانستان.
والعرض الذي استمر لثمانية دقائق لم يستقبل بشكل جيد: "فهي الآن مختبئة وتخشى على حياتها".
ولكن بعد عمر من التعرض للقرص والجذب في الشوارع، والطلب منها أن تظل صامته، عزمت الفتاة البالغة من العمر 27 عامًا، على كسر الصمت المحافظ للغاية في مجتمعها بشأن التحرش الجنسي.
وعادة ما تتعرض النساء، حتى أولئك اللاتي يرتدين البرقع الكامل، الذي يغطي الجسد، بشكل متكرر للإساءة اللفظية واللمس غير المرغوب فيه في أفغانستان، حيث مازالت المعركة حول المساواة بين الجنسين في مهدها.
وبعد أكثر من عقد على النشاط، مازال يجري بيع الفتيات للزواج، وتتعرض النساء للعنف الأسري بدون مسائلة، وتصل القليل منهن إلى مناصب المسؤولية العامة.
"خادمي" كانت في الرابعة عندما لمس غريب جسدها، بينما كانت تسير إلى متجر بالقرب من منزل العائلة في كويته في باكستان، حيث انضموا إلى موجة من اللاجئين الذين فروا من الحرب والحكم الوحشي لحركة طالبان المتشددة.
وتعرضت للتحرش في الشوارع في مناسبات أخرى كثيرة خلال حياتها، من بينها واقعة حدثت بعد وقت قصير من عودتها إلى أفغانستان في 2008 لتخضع لامتحانات القبول لدراسة الفنون الجميلة في جامعة كابول.
في تلك المرة، صرخت، مفترضة أن أحدا سيساعدها، وبدلا من ذلك، تحركت الحشود لتهاجمها.
وقالت للأسوشيتد برس، الخميس،"هذه الأشياء تحدث يوميا وأراها"، موضحة أن التحرش المتكرر والتجارب الشخصية العميقة تشكل معروضاتها، التي يمكن أن تستغرق سنوات لتتطور ورغم ذلك لا تستمر أكثر من دقائق معدودة.
وفي عرض أواخر 2013 في معرض كابول، الذي اعتبره كثير من المتفرجين مؤلما وكئيبا، استمرت الفنانة في صفع وجهها من الجانبين فقط لمدة ساعة.
وقالت، إنها أرادت أن تبرز تسامح بلادها مع العنف بعد أكثر من 30 عاما من الحرب.
وقبل عرضها، الذي ارتدت فيه البذلة المدرعة يوم 26 فبراير، أمضت أربعة أشهر تقابل النساء وتجري معهن مقابلات بشأن الجنس والجنسانية والهوية.
وكانت كثير من القصص عن القسوة والخسارة، لكن لم يبد أن أي امرأة منهن كانت تملك تجاربها الخاصة، حسبما قالت الفنانة.
وتحققت بلا شك بعض الإصلاحات، منذ أطاح الغزو الأمريكي بطالبان في 2001.
وتدفقت مليارات الدولارات على مشروعات تهدف إلى تقليل معدل وفيات الأمهات وتعزيز حصول المرأة على الرعاية الصحية والتعليم وتثقيف الشرطة والقضاء بشأن تنفيذ الضمانات الدستورية المتعلقة بالمساواة.
لكن التغيير بطيئا، ومازال الخوف من التغيير متجذرا بعمق.
عندما ارتدت البذلة المدرعة وعادت إلى حي مزدحم في كابول كانت قد تعرضت فيه للتحرش في 2008، احتشد الناس ضدها مرة أخرى.
وألقى الناس الحجارة عليها وهددوا بضربها، وبعد ثمانية دقائق فقط، أعلنت أن العرض انتهى وعادت إلى سيارتها، التي أحاط بها الغوغاء الغاضبون ودمروها، ولكن وسط هذا المعترك، بدا أن شخصا واحدا على الأقل يفهم الرسالة.
وتذكرت أن فتى كان في العاشرة من عمره، ليس أكبر منها بكثير عندما تعرضت لذلك التحرش منذ سنوات في كويته، قال "انظروا إلى تلك الفتاة، إنها لا تريد أن يلمسها أحد".