بروفايل| غسان مطر ورحل الكوتش
بصوت أجش غليظ ونظارة قاتمة تقبع خلفها عيناه وتخفى جزءاً من ملامحه البارزة التى اختلطت بتجاعيد شكّلتها سنوات طويلة ارتبط فيها الفن بسلسلة متواصلة من النضال، كان آخرها ضد مرض السرطان الذى لم يمهله الوقت، ليغيّب الموت «شرير» السينما المصرية، بالرغم من كونه «طيب زى كمال أبورية ومحمود الجندى».
الفنان غسان مطر أو المناضل الفلسطينى عرفات داوود حسن المطرى، هو الثائر الذى ضلّ طريقة إلى عالم السينما، واستطاع من خلال أدائه أن يفرض وجوده كواحد من أهم أشرار السينما المصرية من خلال مسيرة طويلة امتدت إلى 46 عاماً من العطاء المستمر قدّم خلالها ما يقرب من 100 عمل فنى.
لم تكن السينما هى الطريق المختار فى البداية لدى الشاب الفلسطينى الذى نشأ فى مخيم «البداوى» للاجئين الفلسطينيين فى شمال لبنان، والذى تأججت كراهيته لقوات الاحتلال الإسرائيلى، بعد أن تم تهجيره وعائلته ضمن العائلات التى هجرت من فلسطين عام 1948، ليقرر بعد ذلك أن ينضم إلى جيش التحرير الفلسطينى، وهو الأمر الذى لم يحدث، لأنه اتهم بالتحريض وهو ابن الـ16 عاماً فى ذلك الوقت، ليشارك مجموعة من أصدقائه فى تأسيس إذاعة محلية تناهض الرئيس اللبنانى كميل شمعون فى ذلك الوقت.
بدأت مرحلة النضال الحقيقى بالنسبة لـ«مطر» عندما تعرّف على السياسى الفلسطينى «نايف حواتمة» وأسسا معاً إذاعة بطرابلس، فكان «حواتمة» يكتب التعليقات السياسية، ويذيعها هو، وقتها اضطر إلى تغيير اسمه إلى «غسان مطر» كنوع من التمويه أو الحماية، لأنه كان يعمل ضمن المقاومة الفلسطينية، كما كانت تربطه علاقة قوية بالزعيم الراحل ياسر عرفات، حيث كان يقوم بنقل رسائل ذات طابع سرى إلى القيادة الفلسطينية، حتى بعد عمله بالتمثيل. خلال تلك الفترة عمل «غسان» صحفياً ومصححاً لغوياً بجريدة «النهار» اللبنانية، ليتقدم بعدها فى عام 1982 للعمل كمذيع فى الإذاعة اللبنانية، وفى عام 1985 دفع المناضل ثمن نضاله غالياً، بعد أن فقد أمه وزوجته وابنه فى ما يطلق عليها «حرب المخيمات» ليستقبل خبر وفاة عائلته عبر إذاعة «مونت كارلو»، ويستقبل بعدها خبراً بنجاة بناته.
بالتزامن مع دوره النضالى الكبير، قدّم الفنان الفلسطينى مجموعة كبيرة من الأعمال السينمائية، منها أفلام تعبر عن الواقع الفلسطينى مثل «الفلسطينى الثائر» الذى كتب قصته وحواره، ليبدأ فى مرحلة جديدة من حياته تكرس لأدوار الشر من خلال مجموعة من الأعمال، مثل «السلم الخفى» و«المتعة والعذاب»، كما جاءت مشاركته فى عدد من الأفلام والمسلسلات الجديدة محط أنظار الصغار قبل الكبار، مثل دوره فى «لا تراجع ولا استسلام»، و«الآنسة مامى».