خبراء: اختلاف اهتمامات المصريين وتنوع قضاياهم يستند لأسباب اجتماعية ونفسية واقتصادية
إحدى جلسات الحوار الوطنى
أكد خبراء علم النفس والاجتماع أن الاختلاف بين المصريين فى الآراء والاهتمامات وترتيب الأولويات ظاهرة طبيعية، معتبرين أن الدعوة لحوار وطنى جامع لمختلف الفئات هى محاولة للاستفادة من هذا التنوع والاختلاف فى حل المشكلات.
وقال الخبراء إن جلسات الحوار الوطنى تُولى اهتماماً كبيراً بتمثيل جميع الفئات المختلفة وبمشاركة قطاع كبير من أطياف الشعب، وهو ما يثبت أنه حوار يعبّر عن جميع المصريين، ويناقش قضايا تعبّر عن اهتمامات المواطن البسيط، سواء كان ذلك فى لجان المحور السياسى أو الاقتصادى أو المجتمعى، وذلك كون القضايا المندرجة تحت هذه المحاور متشابكة وتمس الحياة اليومية للشعب، مشيدين بحرص مجلس أمناء الحوار الوطنى على أن يكون الحوار ممثلاً لجميع الفئات، بما يعكس الرغبة فى الاستفادة من التنوع والاختلاف بالتوازى مع تنوع القضايا والأولويات، معتبرين أن ذلك التنوع يستند لعوامل اجتماعية ونفسية واقتصادية.
«عبدالجواد»: الطبقة الوسطى ليست كتلة واحدة وتنوُّع نظامها المعيشي يؤثر في تحديد أولوياتها
تقول الدكتورة ثريا عبدالجواد، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب، جامعة المنوفية، فى حديثها لـ«الوطن»، إنّ هناك شرائح متفاوتة فى المجتمع الواحد، ويأتى الاختلاف فى الأساس لذلك السبب، مشيرةً إلى أنّ الطبقة الوسطى التى ينتمى لها قطاع كبير من الشعب ليست كتلة واحدة، ولكل شريحة منها نظام معيشى واجتماعى مختلف، الأمر الذى يؤثر فى أولوياتهم وقضاياهم واهتماماتهم، لافتة إلى أنّ طبقات المجتمع تنقسم إلى فئات بناء على التعليم ونوعية العمل ومستوى الدخول، وأولى تلك الطبقات هى الطبقة الدنيا الوسطى، وهى التى يتسم المنتمون لها بمستوى تعليم جامعى ويعملون فى المجالات التابعة للحكومة، ثم الطبقة الوسطى الوسطى، وهى التى ينتمى لها، على سبيل المثال، الأطباء والمحامون، لتأتى بعد ذلك الطبقة الوسطى العليا، وهى طبقة الأطباء ذوى الصيت وأمثالهم.
وتابعت «عبدالجواد»: «دى طبقة الناس اللى دخلها كبير وعندها رفاهيات أكبر من الطبقات الأخرى اللى ذكرناها»، وأضافت: «فى السبعينات لم يكن هناك تفاوت كبير بين فئات المجتمع مثلما هو الحال الآن، حيث كانت الطبقة الدنيا الوسطى تستطيع العيش والحصول على راتب جيد».
وأكدت أستاذ علم الاجتماع أن الطبقة الوسطى اتسع مداها لينضم إليها الفقراء، مضيفة: «يعنى مثلاً الذى يحصل على راتب أصبح لا يفى حاجته»، ولفتت إلى أنه من هنا بدأت الأولويات والاهتمامات والقضايا تختلف، وذلك نظراً للحالة الاجتماعية للأفراد وفقاً للطبقات التى ينتمون إليها.
وأشارت «عبدالجواد» إلى أنّ كل فئة من الفئات المتعددة فى المجتمع تعانى فى حدود التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التى طرأت على المجتمع، مؤكدة أنّ كافة الشرائح الاجتماعية لديها معاناتها الخاصة بها وفقاً لظروف معيشتها وحياتها اليومية، وذكرت أن كل الشرائح الاجتماعية تعانى، سواء فى الريف أو الحضر، فمثلاً الطبقة الوسطى تعانى من تدابير المعيشة والدراسة والتعليم والإنفاق على الصحة والمواصلات وعدم وجود الدخل المالى الكافى لتوفير احتياجاتها اليومية، بينما المعاناة التى تتحدث عنها الطبقة العليا المالكة للثروة والتى تتحصل على عوائد ملكية خاصة بها قد تكون رفاهية للطبقات الأخرى من المجتمع، منوهة بأن هناك تفاوتاً طبقياً كبيراً جداً بين فئات المجتمع، وتوجد شرائح لا تستطيع أن تفى بالحد الأدنى من الحياة المرفهة، مشددة على ضرورة الإنصات للآراء والمقترحات التى سيتم طرحها خلال الجلسات النقاشية للحوار الوطنى، كونها المنقذ فى حال تضمنت حلولاً يمكن تنفيذها على أرض الواقع للرقى بالمستوى المعيشى للمواطن وتطوير حالته الاجتماعية.
ولفتت أستاذ علم الاجتماع إلى أنها المقرر المساعد للجنة العدالة الاجتماعية بالحوار الوطنى، ومن خلال حضورها ومشاركتها فى الجلسات التى انطلقت منتصف شهر مايو الجارى، ترى أن الدولة لا بد أن تستمع بعناية للشكاوى التى يحملها المشاركون وممثلو فئات المجتمع، بالإضافة إلى السعى المستمر لإيجاد حلول لها.
«منصور»: ظهور المهن الهامشية غير المنتجة من نوعية «سواقة التوك توك» تسبَّب في تمحور الأزمة حول البحث عن لقمة العيش
من جهتها قالت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة بنها، إنّ أولويات قطاع كبير من المواطنين خلال الفترة الأخيرة تدور حول توفير لقمة العيش، مضيفة أن هناك مهناً هامشية هى التى تسببت فى تمحور الأزمة حول البحث عن لقمة العيش، وتُعد ظاهرة التسول والبائعين الجائلين بالإضافة إلى «سواقة التوك توك» من المهن غير المنتجة والتى لا تضيف شيئاً للدخل القومى للدولة، وهنا لا بد من أن تعى الجهات المعنية تلك المشكلة، ونوهت بأن عناصر المجتمع المدنى أيضاً عليها جزء من المسئولية لإيجاد حل بالتكاتف مع الدولة لفتح مجالات جديدة للأعمال الإنتاجية لتغيير ثقافة العمل من خلال الإعلام والمؤسسات الاجتماعية.
وأشارت «منصور» إلى أنّ اهتمامات الأفراد ومتطلباتهم تكون مترتبة وفقاً للمرحلة العمرية والحالة الاقتصادية للفرد، وبالتالى ستكون عامل تأثير على أولوياته واهتماماته وقضاياه، مضيفة أننا لو تحدثنا عن الطالب الجامعى فستكون أولوياته كيفية توفير فرصة عمل وتحقيق دخل مادى، بينما الأفراد فى مرحلة المراهقة تكون اهتماماتهم فى كيفية توفير العناصر الاستهلاكية لتلبية الجوانب الترفيهية فى حياتهم، لافتةً إلى أنّ ذلك الأمر هو الذى يفسر اختلاف الأولويات والقضايا والاهتمامات ربما أيضاً بين أفراد الطبقة الاجتماعية الواحدة، مشيرةً إلى أنّ جلسات الحوار الوطنى من المتوقع أن تكون مثمرة، وتأمل أن تمس التوصيات والنتائج المجتمع بشكل إيجابى.
«غلاب»: الطبيعي أن تكون هناك اختلافات وفروق بين طبقات المجتمع
وقال الدكتور محمود غلاب، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة والمعالج النفسى، إن علم النفس يقسم المجتمع إلى شرائح متفاوتة تختلف فى طبيعتها وأولوياتها واهتماماتها وفقاً للطبقات الاجتماعية، وأضاف أن الأساس والسائد أنّ الإنسان ابن مجتمعه، بمعنى أنّ هناك مكونات أساسية تشكّل وعيه، لافتاً إلى أنّ تلك المكونات هى الانتماء لفئة معينة بناء على مستواه التعليمى، كما أنّ هناك مجموعة من الخصائص تميز الشخص، منها البيئة الاجتماعية والتعليم والثقافة وفقاً للمجتمع الذى يعيش فيه، والتى تساهم فى تشكيل الشخصية والاهتمام والوعى، لافتاً إلى أنّ لكل فئة جماعة مرجعية وإطاراً ثقافياً يؤثران فى وعيها وجوانب حياتها اليومية المختلفة، لافتاً إلى أنه من الطبيعى أن تكون هناك اختلافات وفروق بين طبقات المجتمع، بمعنى أنّ خريج الجامعات الأجنبية مختلف عن خريج الجامعات الإقليمية، وهو الأمر الذى يشكل اختلاف الاهتمامات وشكل الحياة وطبيعتها، وبالتالى يكون الوعى مختلفاً ومتغيراً بين الشخصين، ويتغير بذلك تباعاً للإدراك والسلوك وأسلوب المعيشة.