رفعت رشاد يكتب: أحزاب فاترة
رفعت رشاد
أوشك الحوار الوطنى على بدء فعالياته بعد مرور ما يزيد على عام كامل من الإعداد له. خلال ذاك العام عقدت الاجتماعات والجلسات التى شاركت فيها الأحزاب بعدما شكل بعضها كتلاً مثل التيار المدنى الذى ضم عدداً من الأحزاب الرافضة، ولا أقول المعارضة.
من أهم المحاور التى يرتكز عليها مفهوم الحوار الوطنى المحور السياسى. كانت للأحزاب السياسية خلال مناقشة الملف السياسى مطالب عديدة، ودون مناقشة هنا لهذه المطالب فأنا أحترمها وأقدرها وأتمنى أن تخرج قرارات أو توصيات الحوار بقبولها طالما أنها تؤدى إلى تحسين العملية السياسية وأوضاع المواطنين.
ربما يكون الحوار الوطنى فرصة لفك عقدة الأحزاب بشكل عام، فلا شك أن الأحزاب فى مصر أحزاب غير فاعلة ويمكن أن أسميها أحزاباً (فاترة) لا تقوم بدور حقيقى كأحزاب، ولذلك ربما تكون استجابة النظام السياسى لمطالب لها بداية لتفعيل دورها فى العملية السياسية.
على جانب آخر، فإن الأحزاب فى مصر عليها ملاحظات مهمة متعددة وأهمها افتقادها للديمقراطية وليس هناك معنى معتبر لأن يستجيب النظام خلال الحوار الوطنى لمطالب الأحزاب بينما هى أحزاب غير ديمقراطية. الأصل فى إنشاء الأحزاب فى العالم ممارسة الديمقراطية وإفراز الكوادر السياسية القادرة على تمثيل الناس فى البرلمان، كما أن أول أهداف أى حزب فى العالم أن يتولى السلطة.
وإذا لاحظنا أن الأحزاب المصرية تفتقد هذا المبدأ وتتحاشى الحديث فيه، فإنها بالتالى تفقد سبب وجودها، بل إنها فى الأصل تتفادى بشكل واضح مبدأ تداول السلطة داخلها وربما يعتبر معظمها فكرة طرح هذا المبدأ «عيب وحرام».
مطالب الأحزاب خلال مناقشات الحوار الوطنى أقدرها وأتمنى أن ينفتح المجال السياسى أمام كل مواطن قادر على ممارسة السياسة بشكل حقيقى بعدما تم تجريف شريحة كبيرة من السياسيين وإبعادهم عن ملعب السياسة وافتقاد الأحزاب الكوادر المتمكنة. أنتهز فرصة الحوار الوطنى، الذى آمل أن يسفر عن نتائج إيجابية فى كل الملفات، لكى أطالب الأحزاب بأن تمارس فى داخلها الديمقراطية، وأن تقر بمبدأ تداول السلطة، وأن نرى هذا التداول من خلال المؤتمرات العامة للأحزاب، وتصعيد أجيال جديدة من القيادات بطريقة ديمقراطية. إذا راجعنا أخبار الأحزاب -خلال السنوات الطويلة الماضية- سنجد أن شغل كل المواقع الحزبية فى كل المستويات التنظيمية يتم من خلال التعيين بقرار من رئيس الحزب أو من الأمين العام إذا كان مفوضاً فى الأمر، أى إن كل كادر أو قيادة حزبية يدين بموقعه لشخص ما فى حزبه، وبالتالى يكون ولاؤه لهذا الشخص الذى يتحكم فى كل الأعضاء. لم نلحظ تداولاً للسلطة إلا فى قليل من الأحزاب على استحياء ويتم على فترات طويلة لأن غالبية الأحزاب لا تحدد مدداً لبقاء قياداتها فى مواقعها.
على الأحزاب المصرية أن تعطى نموذجاً للديمقراطية لتكون طليعة الممارسة السياسية الطبيعية المؤثرة إيجابياً على حياتنا، وفتح الآفاق لأجيال جديدة تسهم فعلاً فى تقدم الوطن. إذا كنا نطالب بأن يكون لنا برلمان فاعل فالبداية من الأحزاب، وإذا أردنا مجالس محلية فاعلة فالبداية من الأحزاب، وإذا أردنا وزراء سياسيين فالبداية من الأحزاب. لا تكونوا أحزاباً فاترة.