تكتل اقتصادي بـ3.4 تريليون دولار يجمع 1.3 مليار أفريقي
الرئيس السيسى قاد جهود التنمية فى كافة المجالات بدول أفريقيا
تدرك القيادة السياسية المصرية، أن قارة أفريقيا تمتلك القدرات التي تجعلها قارة قوية لا تحتاج إلى الغير، وأن الأمر يتطلب مزيداً من التعاون الاقتصادى بين دول القارة، وفى هذا السياق تحرص مصر، خلال السنوات الماضية، على تعزيز سبل التعاون الاقتصادى بينها وبين دول القارة.
واحدة من أهم ملفات التعاون الاقتصادى التى عملت عليها مصر منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، ونجحت مصر فى إطلاقها خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى، عقب بدء سريان اتفاقية التجارة الحرة القارية المنظمة لها، والتى كانت ضمن الأولويات التى أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال رئاسة مصر للاتحاد، وتسارعت الدول الأفريقية لإقامة تكتل اقتصادى بحجم 3.4 تريليون دولار يجمع 1.3 مليار شخص ليكون أكبر منطقة للتجارة الحرة منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية، وهو ما يقدم فرصة ذهبية لإحداث تحول اقتصادى وتنموى فى القارة السمراء.
«العمدة»: أفريقيا سوق واعدة أمام مصر.. وحجم الاستثمارات المصرية أكبر من 13 مليار دولار
فى هذا السياق، قال الباحث الاقتصادى الدكتور كريم العمدة إن هناك اتفاقاً على أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وأفريقيا فى غاية الأهمية، ودائماً ما نقول إن مصر هى بوابة أفريقيا، مضيفاً، فى اتصال لـ«الوطن»، أن اهتمام مصر بأفريقيا زاد وتجلى فى الفترة الأخيرة، خصوصاً خلال فترة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى زار فى ولايته الأولى أكثر من نصف الدول الأفريقية، وترجمت هذه العلاقات الجيدة فى البعد الاقتصادى.
وقال «العمدة» إنه لو تم الحديث بلغة الأرقام، فإن حجم التجارة مع أفريقيا زاد خلال آخر 5 سنوات، ففى عام 2017 كان حجم ما تصدره مصر إلى أفريقيا 3.2 مليار دولار، وفى 2021 وصل إلى 5 مليارات دولار، أى بزيادة 56% تقريباً فى حجم صادرات مصر للقارة، فى حين كانت وارداتها فى 2017 نحو مليار و800 مليون، وفى 2021 أصبحت ملياراً و500 مليون، وشهدت انخفاضاً بنحو 16%، أى حدثت زيادة فى الصادرات وانخفاض فى الواردات.
ولفت الخبير الاقتصادى إلى أن نحو 70% من الصادرات المصرية إلى أفريقيا سلع صناعية مثل الدهانات والحديد والسيراميك والأسمنت وأجهزة كهربائية مثل الغسالات والبوتاجازات، كما نصنع لهم سلعاً غذائية مصنعة ومخبوزات مصنعة ومشتقات الدقيق.
ويرى الدكتور كريم العمدة أن أفريقيا تشكل سوقاً واعدة أمام مصر، أى إن هناك طلباً على كل السلع والصادرات المصرية، وبالتالى عندما تتوجه مصر إلى أفريقيا فإن حجم التجارة سيرتفع بشكل كبير، مؤكدا فى الوقت ذاته أن أفريقيا تشكل دائرة مهمة فى الأمن القومى المصرى، وبالتالى فإن العلاقات الاقتصادية مع القارة تساعد على مزيد من الارتباط للدول الأفريقية مع مصر، مشيراً إلى أن حجم الاستثمارات المصرية فى أفريقيا أكبر من 11 مليار دولار وربما يصل إلى 13 مليار دولار، إذ كنا عام 2011 أو 2012 لا تتجاوز استثماراتنا فى أفريقيا 2 أو 3 مليارات، فهذه الزيادة الكبيرة كانت خلال فترة الرئيس السيسى.
وقال «العمدة» إن الشركات المصرية نراها الآن فى أفريقيا مثل المقاولون العرب، كما أن هناك تعاوناً فى المجالات المصرفية؛ بفتح فروع للبنوك المصرية فى الدول الأفريقية مثل بنك مصر فى الصومال وساحل العاج والبنك التجارى الدولى فى كينيا ومنطقة الخدمات التجارية اللوجيستية فى شرق أفريقيا.
ويرتبط تعزيز التعاون الاقتصادى وكذلك دعم الاقتصاد الأفريقى بمشروعات البنية التحتية التى تقودها مصر، وفق تقرير سابق لمركز معلومات مجلس الوزراء، الذى أشار إلى أن تطوير البنية التحتية يؤدى إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والارتقاء بمستوى معيشة المواطن الأفريقى، وزيادة معدلات تدفقات التجارة والاستثمار البينى، حيث كانت أفريقيا من بين أقل المناطق تكاملاً فى العالم، وكانت تقف التجارة البينية فى القارة عند 15%، مقابل 67% فى أوروبا و52% فى جنوب شرق آسيا، وسوف تعمل هذه الطرق على تقليل زمن نقل البضائع، الذى سيجعل القارة منطقة جذب لرجال الأعمال والمستوردين والمصدرين، وستتيح هذه المشاريع للدول المتشاركة تعزيز تجارة المحاصيل الزراعية، والزراعة خارج الحدود.
«الإدريسى»: نؤمن بالشراكة مع القوى الكبرى لا التبعية
وقال الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إن التعاون الاقتصادى بين مصر وأفريقيا جزء مهم جداً، خصوصاً مع الصدمات والأزمات الاقتصادية المتتالية، خصوصاً أن الدول الأفريقية تعانى كثيراً من الأزمات الاقتصادية قبل جائحة كورونا وقبل الأزمة الروسية - الأوكرانية.
وأضاف «الإدريسى»، أن أفريقيا تواجه مشكلات تتمثل فى ارتفاع معدلات الفقر وضعف البنية التحتية وضعف عمليات التنمية وعجلة الاستثمار وانتشار الفساد وعدم الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وصعوبة النقل والمواصلات داخل القارة، والتى رافقها العديد من المشكلات الأمنية والسياسية وغياب الاستقرار، مؤكداً أن مصر مع رئاستها للاتحاد الأفريقى بدأت مرحلة مهمة جداً وجديدة فى تاريخ الاقتصاد الأفريقى تتمثل فى العمل بخطى جادة لتحقيق التكامل الاقتصادى الأفريقى.
ولفت «الإدريسى» إلى أنه كان نتاجاً لذلك رؤية منطقة التجارة الحرة الأفريقية التى دخلت حيز التنفيذ منذ نحو عامين والتى بالتأكيد لها دور فى زيادة حجم التبادل التجارى داخل القارة الأفريقية. وأشار إلى أن العديد من الاقتصادات الكبرى مثل الصين وأمريكا وروسيا تحاول تعزيز استفادتها من القارة الأفريقية والاستفادة من الموارد المتاحة لدى القارة، وهو الذى يفرض شراكة بين هذه الدول والقوى الكبرى هذه، وليست علاقة تبعية، وهو ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى دائماً.
وتابع «الإدريسى» أن مصر وضعت تصوراً بشأن التكامل الاقتصادى والشراكة الاقتصادية مع الاقتصادات الكبرى سيعود بالنفع على الدول الأفريقية، وبالتالى تحد من المشكلات والأزمات التى تواجهها.
ولفت الخبير الاقتصادى إلى أهمية نقل الخبرات الاقتصادية بين الدول الأفريقية وتجارب الإصلاح الاقتصادى، وعلى رأسها تجربة برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، مشيراً كذلك إلى ضرورة اعتماد دول القارة على نظام المقايضة السلعية فى التجارة البينية، ما يوفر العملة الأجنبية، والعمل على تذليل العقبات أمام السياسات النقدية الأفريقية، وهذا دور مطلوب من البنوك المركزية الأفريقية، والعمل على تقديم تسهيلات للمستثمر الأفريقى.