مصر والأردن وفلسطين.. تنسيق ثلاثي للتعامل مع التطورات الأخيرة بالأراضي المحتلة
الانتهاكات الإسرائيلية فى حق الشعب الفلسطينى تتواصل
انطلقت، أمس، أعمال القمة المصرية الأردنية الفلسطينية فى العاصمة المصرية القاهرة، حيث استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى بن الحسين، ورئيس دولة فلسطين محمود عباس «أبومازن»، وهى القمة التى تأتى فى وقت بالغ الأهمية، فى إطار التنسيق والتعاون المصرى - الأردنى لبحث جهود السلام وتنسيق الجهود والتحركات لدعم القضية الفلسطينية، فى ظل التطورات الأخيرة، والتصعيد المتواصل من قِبل حكومة نتنياهو، الأمر الذى يلقى استنكاراً مصرياً أردنياً.
سفير فلسطين: مصر لها دور تاريخى فى دعم القضية الفلسطينية والتوصل لحلول تدعم الشعب الفلسطينى
وفى هذا السياق، صرح السفير دياب اللوح، سفير فلسطين لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، فى بيان، بأن القمة تأتى تجسيداً للتشاور والتعاون الدائم والمستمر تجاه القضايا المتعدّدة على المستويات العربية والإقليمية والدولية وتنسيق المواقف، ولتوحيد الرؤى بين القادة الثلاثة، للتعامل مع التحركات السياسية والإقليمية والدولية، من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967. ولفت إلى أن القمة تبحث جهود العمل على مواجهة تحديات حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه غير القابلة للتصرّف، وإنجاز حق تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة الوطنية الكاملة على جميع أراضى دولة فلسطين، التى احتُلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وعبّر السفير الفلسطينى عن شكره لمصر وللرئيس عبدالفتاح السيسى، لاستضافة هذه القمة ومساعيها المقدّرة فى دعم القضية الفلسطينية، مشيداً بدور مصر التاريخى فى هذا الصدد، وما يتميز به من ثبات واستمرارية، بهدف التوصّل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، والملك عبدالله الثانى لمشاركته ودعمه لعقد هذه القمة، ودفاعه الدائم فى جميع المحافل عن سيادة دولة فلسطين ومدينة القدس ومقدساتها. وجدّد سفير فلسطين تأكيد أن فلسطين تتمسّك بخيار بناء السلام العادل والشامل، وفق قرارات الشرعية الدولية.
باحث فى الشئون العربية: القمة تمهد لاستصدار قرار عربى موحّد يضع حداً لانتهاكات حكومة الاحتلال
فى هذا السياق، قال محمد فتحى الشريف، الباحث فى الشئون العربية، إن القمة المصرية الأردنية الفلسطينية بالقاهرة، وتواتر اللقاءات المصرية الأردنية بشأن القضية الفلسطينية يعبران بشكل واضح وصريح عما تعنيه القضية الفلسطينية بالنسبة للقاهرة وعمان، وأن الدولتين هما الأكثر اهتماماً وانشغالاً بالشعب الفلسطينى. وأضاف، فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»، أن هذا الأمر يدركه جيداً المجتمع الدولى، الذى يضع الموقفين المصرى والأردنى على رأس اعتباراته، وهذه حقيقة تاريخية، وأثبتتها المواقف المختلفة فى مسار الأزمة الفلسطينية، كما أن التشاور بين الزعماء الثلاثة يأتى بكل وضوح فى توقيت مهم للغاية، فى ظل التصعيد الإسرائيلى الكبير ضد الشعب الفلسطينى خلال الفترة الأخيرة ومواصلة مساعى التهويد وضم الأراضى الفلسطينية، فى حين نجد فى الوقت نفسه إصراراً من قِبل وزير الأمن الإسرائيلى على تنفيذ مخطط التقسيم الزمانى والمكانى للقدس المحتلة.
وتابع الباحث فى الشئون العربية: «القمة تستهدف بشكل رئيسى وضع حد لهذه المواقف المتطرّفة من قِبل الحكومة الإسرائيلية، كما أنها تأتى فى وقت تتجه فيه الدول العربية عبر جامعة الدول العربية لاستصدار قرار عربى يدين هذه الخطوات التصعيدية المرفوضة»، مؤكداً أن هذا القرار العربى الموحّد يأتى من بوابة التنسيق المصرى الأردنى الفلسطينى، وسيكون فى هذا النطاق، ولاحقاً أتصور أنه سيتوسع التشاور العربى ليكون على نطاق الجامعة العربية». ويرى «الشريف» كذلك أن القمة معنية كذلك بملف المصالحة الفلسطينية وتحقيق الوفاق ولمّ الشمل بين الأشقاء الفلسطينيين، وضرورة التوصل إلى موقف موحد بشأن التصدى للمخططات الإسرائيلية التصعيدية، والعمل على وقف الاعتداءات على الشعب الفلسطينى الأعزل، خصوصاً بعد قيام المسئول الإسرائيلى «بن غفير» بتصعيد غير مسبوق فى القضية الفلسطينية عندما وطئت قدماه المسجد الأقصى، الأمر الذى ترفضه مصر والأردن. وشدّد «الشريف» على أن الشعب الفلسطينى يعول بصفة أساسية على المواقف المصرية والأردنية فى دعم حقوقه المشروعة، خصوصاً فى ظل انشغال كثير من دول العالم عن الوضع فى فلسطين بتبعات الأزمة الروسية الأوكرانية، التى أصابت تداعياتها العالم كله فى جميع الجوانب، لكنها فى ما يتعلق بالقضية الفلسطينية كان التأثير الأخطر لها فى صرف التركيز الدولى عن القضية الفلسطينية.
باحث فى العلاقات الدولية: من الأفضل أن تكون القمة نواة لقمة عربية شاملة
بدوره، قال الدكتور بشير عبدالفتاح، الكاتب والباحث فى العلاقات الدولية، إن هذه القمة المصرية الأردنية الفلسطينية تكتسب أهميتها من أنها تأتى فى توقيت بالغ الحساسية، فى ظل وجود حكومة فى إسرائيل أكثر تطرفاً على الإطلاق، بل تسعى لتصفية القضية الفلسطينية من خلال التوسّع فى الاستيطان والتهويد وتغيير معالم الأراضى الفلسطينية. وأضاف «عبدالفتاح»، فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»: «تأتى القمة الثلاثية الحالية لمحاولة إيجاد آلية للتصدى لمشروع هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرّفة الساعية لتصفية القضية الفلسطينية، ووفق هذه الممارسات التى باتت واضحة بشكل كبير للعيان».
ويرى «عبدالفتاح» أنه من الأفضل أن تكون القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية نواة لقمة عربية شاملة، لأنه فى ظل هذه النوايا لحكومة نتنياهو، لا بد أن يكون هناك قرار أو موقف عربى موحّد وشامل لوقف هذه المشروعات الشريرة للحكومة الإسرائيلية.
ولفت «عبدالفتاح» إلى أنه من الصعب الرهان على الموقف الدولى فى الوقت الحالى تجاه القضية الفلسطينية، لأن الذى يظهر لنا فى الفترة الأخيرة يقول إن المواقف الدولية لن تتعدى مجرد الإدانات والتنديدات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، مضيفاً أن هذا يعود لأمرين، أولهما أن المجتمع الدولى أصبح منشغلاً بقضايا جديدة مثل الأزمة الروسية - الأوكرانية، والتوترات المتصاعدة مع الصين، والتوترات بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبى، والتوترات الصينية - الهندية، الأمر الذى جعل المجتمع الدولى يبدو كما لو كان سئم التعامل مع القضية الفلسطينية.
وأكد الباحث فى العلاقات الدولية أن الأمر الثانى الذى يجعل المجتمع الدولى غير مهتم فى الفترة الأخيرة بالقضية الفلسطينية، هو أن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها منحازة على طول الخط للجانب الإسرائيلى. وشدّد على أن هذا الموقف الدولى المنصرف عن القضية الفلسطينية يضفى أهمية كبيرة على النطاق الإقليمى المعنى بالقضية الفلسطينية، والمقصود هنا جامعة الدول العربية، وأيضاً أن يكون للدول التى تملك علاقات جيدة مع إسرائيل على الأقل من خلال سياسة العصا والجزرة، أن تدعو الحكومة الإسرائيلية إلى التوقف عن ممارساتها مقابل مزيد من العلاقات الثنائية وتطوير تلك العلاقات، مؤكداً أن الموقف العربى والإقليمى هو الأكثر أهمية فى الوقت الحالى، وذلك لما تمت الإشارة إليه من أن المجتمع الدولى بات منشغلاً بقضايا أخرى، كما يبدو أنه سئم القضية الفلسطينية المستمرة منذ أكثر من 70 عاماً، وسيبقى الموقف مقتصراً على الإدانات والتنديدات كالمعتاد، وانحياز أمريكى متواصل.