«الوطن» ترصد أماكن «كمائن بيت المقدس»: هنا يصطاد الإرهاب الضحايا
ينزل 8 مسلحين ملثمين من سيارتى «فيرنا»، و«بيك أب» «دفع رباعى»، عند مفارق «كرم القواديس»، شرق العريش، ويقوم أحدهم بإيقاف السيارة فى منتصف الطريق، فيما تأخذ الأخرى جانباً لمراقبة الطريق.. تقترب منهم عدة سيارات، يسارع سائقوها لإخراج بطاقاتهم، ويمزح سائق سيارة أجرة مع الركاب، قائلاً: «أوعوا يكون حد منكم جيش أو شرطة أو متعاون».. ما سبق لم يكن مشهداً درامياً، لكنه حقيقة تتكرر يومياً فى شمال سيناء.
فالإرهابيون يلعبون لعبة أشبه بلعبة «القط والفأر»، يظهرون عندما تختفى الحملات وقوات التأمين، لعجزهم عن مهاجمة القوات، وبات هدفهم فقط إثبات وجودهم ولو بالكمائن الوهمية، ولأنهم يدركون خارطة انتشار الكمائن جيداً، حددوا 4 مناطق لتكون بمثابة نقاط دائمة لنصب أكمنتهم الوهمية فى مدن شمال سيناء.
المنطقة الأولى هى طريق «كرم القواديس»، الخالى تماماً من الوجود الأمنى منذ الهجوم الإرهابى على «ارتكاز القواديس»، فى 24 أكتوبر الماضى، يقول «س. م». أحد أهالى المنطقة: المسلحون اعتادوا نصب أكمنتهم فى هذه المنطقة، يستوقفون سيارات الأهالى «الخاصة والأجرة»، للبحث عن الجنود وعن المتعاونين من الأهالى مع القوات الأمنية والوجهاء والمشايخ.
وأضاف: الإرهابيون اختاروا «القواديس» لأنه طريق التفافى بعيد عن الوجود الأمنى، وأقرب كمين له هو كمين «الخروبة»، الذى يبعد مسافة 5 كيلومترات على الأقل، كما أنهم يستطيعون الهرب بسهولة لجنوب الشيخ زويد ورفح، إذا تحركت أى قوات ناحيتهم، ويتمكنون من استغلال الصحراء الواسعة فى التخفى من القوات. أما ثانى الأماكن التى تقوم الجماعات المسلحة بنصب أكمنتها بها، فهى منطقة «مزلقان الشعراوى»، بقرية الشلاق، غرب الشيخ زويد، كما أكد مصدر قبلى من المتابعين لتحركات المسلحين، طلب عدم نشر اسمه، مضيفاً أن المزلقان يقع على طريق التفافى تضطر السيارات للعبور منه، بعد إغلاق ميدان الشيخ زويد وكمين البوابة. ويعد «مزلقان الشعراوى»، نقطة التقاء الطريق الالتفافى بالطريق العام قبل الدخول لمدينة الشيخ زويد بأقل من 4 كيلومترات، ويبعد المزلقان عن كمين «البوابة» بما يقرب من 2 كيلومتر.
ويقع المزلقان على منطقة مرتفعة، تمكن المسلحين من رصد السيارات القادمة من ناحية العريش أو من ناحية الشيخ زويد، ويمكن للإرهابيين الهرب بسهولة عبر طريق التفافى يؤدى إلى جنوب الشيخ زويد فى أقل من 10 دقائق، وهى منطقة خالية من الارتكازات الأمنية. وفى رفح، يستغل الإرهابيون عدم وجود أكمنة على الطريق الذى يربط المدينة بالشيخ زويد، الذى يمتد لـ10 كيلومترات، سوى كمين «ولى لافى»، لنصب أكمنة وهمية فى منطقتين متفرقتين قبل وبعد الارتكاز الأمنى، الذى أصبح فى منتصف اللعبة، حسب ما أكد أحد أهالى مناطق غرب رفح.
وأضاف المصدر، الذى طلب عدم نشر اسمه: المسلحون ينصبون أكمنة بصورة شبه دائمة بالقرب من قريتى الوفاق أو المطلة، كما ينصبون أكمنة من الناحية الأخرى فى منطقة «باب سادوت»، ويكونون فى مأمن من قوات ارتكاز «ولى لافى». وقالت مصادر قبلية إن الإرهابيين ينصبون كذلك أكمنة متحركة، بناء على تحركات الحملات الأمنية، مضيفين: بمعنى أنه إذا كانت هناك حملات فى جنوب الشيخ زويد، فإن كمائن المسلحين تكون بالقرب من دوار التنك وجوز أبورعد وطريق المهدية والمقاطعة شيبانة، أما إذا داهمت القوات جنوب رفح، فإن المسلحين ينصبون أكمنتهم بمناطق القواديس أو الشلاق.
ووصف أبناء القبائل الوضع بأنه أشبه بـ«المراوغات المتكررة بشكل يومى». وقال «أحمد. م»، من أبناء القبائل: إذا كانت الحملات فى الشيخ زويد ورفح معاً، فإنك على الأرجح تسمع عن عملية مسلحة داخل العريش، وما إن يلتفت الأمن إلى العريش، تعود الهجمات للشيخ زويد ورفح. وأكد أن الثلاثة أيام الماضية شهدت تحركات غير مسبوقة للجماعات المسلحة، التى خطفت أكثر من 12 شخصاً من أبناء القبائل المتعاونين مع القوات الأمنية، وهدمت بيتاً يعتليه رجال الأمن بقرية «سادوت» غرب رفح، وداهمت قلب مدينة الشيخ زويد لأول مرة، واختطفت شخصاً من أمام مدرسة بوسط المدينة.
وعن أعداد المسلحين والسيارات التى يستخدمونها فى نصب الكمائن، قال مصدر قبلى: «غالباً يكون العدد ما بين 8 و12 شخصاً بسيارتين فى حال الوقوف على الطريق للتفتيش، وتقوم مجموعة بالتفتيش والأخرى بمراقبة الطريق فى الاتجاهين، ويهتم شخصان أحدهما يقف بعيداً، والآخر بالقرب من الكمين، لتصوير عمليات التفتيش.
وأوضح المصدر أن الإرهابيين غالباً ما يستخدمون سيارات ماركة «فيرنا» و«كروزر بيك أب»، دفع رباعى، لقدرتها على السير فى الرمال، ويعتلى بعض الإرهابيين السيارات حاملين الأسلحة الآلية والمتعدد والقنابل اليدوية والقذائف. وعن أوصاف المسلحين، قال شهود عيان إنهم غالباً ما يكونون طوال القامة، لا يتكلمون، وكل شخص منهم له مهامه الخاصة، مضيفين أنهم على قدر عالٍ من الاحترافية، التى تظهر من خلال القفز والجرى وراء السيارات.