«الفسطاط».. التطوير يُعيد «صنايعية الفخار» إلى سابق مجدهم
أحد العاملين فى قرية «الفواخير»
جاء قرار الدولة بتطوير منطقة الفسطاط بالخير والرخاء على أهلها وصناعها العاملين فى قرية الفواخير، وذلك بعد أعوام عانوا خلالها من الأمطار التى كانت تغرق الورش الموجودة، وتهدر جهدهم وتعيق عملهم.
يقول العميد ماجد فوزى، المشرف العام على تطوير قرية الفواخير، إن المنطقة عبارة عن قرية شهيرة بإنتاج الفخار ويقطنها الحرفيون والصناع لكن بشكل بدائى، حتى تم تقديم مساعدة لهم من خلال تسليمهم أفراناً تعمل بالإشعال الذاتى بالغاز بدلاً من الأفران القديمة التى كانت تستخدم مواد ملوثة للبيئة: «المشروع تعثر وظل متوقفاً فترة طويلة حتى تدخلت الدولة برفع كفاءة المنطقة المحيطة بالكامل، فضلاً عن الدعم اللازم لاستكمال مشروع تطوير قرية الفواخير باستكمال توصيل جميع المرافق من مياه وكهرباء وغاز وصرف صحى».
وتضم قرية الفواخير 152 فاخورة على مساحة 13 فداناً، وتتكون الفاخورة الواحدة من طابقين على مساحة 36 متراً حتى 300 متر، ويضيف «فوزى»: «بعد توجيهات الرئيس بأهمية الحفاظ على الحرفة، محافظة القاهرة خصصت مكاناً لشغل الفواخير وأدخلنا لهم جميع الخدمات، وبعدها تم التعاقد مع شركات بتعمل أفران صديقة للبيئة، ما بين غاز وكهرباء، وبدأنا بـ116 فرناً».
المشرف على تأهيل القرية: «نحاول إنقاذ المهنة من الاندثار وتطويرها لتواكب العصر»..وشيخ الفخارين: «عشنا فترة صعبة والمطر كان بيبوَّظ شغلنا»الفسطاط
ويقول عادل زهدى، شيخ الفخارين بمنطقة الفسطاط، إن أبرز مكاسب تطوير المنطقة هو الحفاظ على المهنة التراثية من الاندثار بعدما هجرها أربابها لسنوات عديدة لقلة العائد المادى منها، ويضيف أن العاملين الذين هجروا المنطقة بدأوا العودة إليها مرة أخرى محاولين استغلال التسهيلات والتكنولوجيا الحديثة التى قدمتها الدولة لهم فى سبيل استمرار الحرفة التراثية الأشهر بين سكان مصر القديمة وتطويرها لتواكب العصر.
ليلة ممطرة وأوانٍ فخارية حوّلتها مياه الأمطار إلى طين لا يصلح لشىء، كان هذا هو أول مشهد رآه «زهدى» وهو صغير بعدما أخبره والده بأنه اختاره للنزول معه إلى ورشتهم الخاصة بصناعة أوانى الطهى والشرب المصنوعة من الفخار الكائنة بمنطقة مصر القديمة خلف مسجد عمرو بن العاص، فرح الصبى وتهلل وجهه سروراً وعلم أن حلمه فى تعلم حرفة الأجداد قد اقترب، مستبشراً بأن أول يوم عمل بالورشة سيكون فاتحة خير له فربما يصبح فى يوم من الأيام أحد أمهر الصناع فى مصر، لكن ما وجده فى ذلك اليوم جعله يخطط بعيداً عن تعلم الحرفة ويذهب بعقله إلى جعل الورشة أكثر أماناً خلال فصل الشتاء، فلا يعقل أن يكون الفخار عرضة للأمطار، ولم يكن فى استطاعة الرجل حينها بناء ورشة بالطوب والأسقف تحمى المنتجات فتعطل الحلم لسنوات.
وبعد سنوات من التمنى جاء قرار تطوير المنطقة، وهنا علم «العجوز» أن تجهيزها بشكل عصرى وفق خطة الدولة وتوجيهات الرئيس يحمّل الصناع مسئولية تطوير المهنة بشكل يتناسب مع التقدم التكنولوجى من أجل منافسة المنتجات الصينية التى غزت السوق، فعلى سبيل التجربة قرر الستينى تطوير الحرفة والعمل على تصميم أوانٍ فخارية جديدة، وهنا استعان بنجله الذى تخرج فى الجامعة وقرر الوقوف إلى جوار والده: «ماكنتش ميال لشغل العروسة الديكور ولا السلحفاة اللى بتستخدم كوحدة إضاءة، لكن أحمد ابنى قال لى خلينا نجرب الشغل الجديد يمكن نلاقى زبون لها، وفعلاً نجحنا فى جذب زباين شباب، وشاركنا كمان فى معارض منها معرض الزهور».