محمد فتحي سالم يكتب: الزراعة طوق النجاة لمصر
محمد فتحي سالم
للوصول للاكتفاء الذاتى من الغذاء لا بد من وجود استراتيجية زراعية على أرض الواقع، حيث تستورد الدولة بنحو 160 مليار جنيه سلعاً زراعية من القمح والذرة الصفراء وفول الصويا والزيوت النباتية والسكر والفول والعدس والمكونات الأساسية للأعلاف الداجنة والحيوانية.
وتستطيع مصر تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية لتوفير الغذاء، عن طريق إصلاح التركيب المحصولى، وزراعة ما لا يقل عن 3.5 مليون فدان قمحاً بنظام الزراعة التعاقدية، وأن يرتفع سعر التوريد إلى 1100 جنيه للأردب، ويتم تسديد فرق السعر من المبلغ المخصص سنوياً لاستيراد القمح من روسيا وأوكرانيا ورومانيا وفرنسا وأمريكا، الذى تبلغ قيمته 21 مليار جنيه سنوياً من الموازنة العامة للدولة. سيادة الرئيس، هناك ضرورة ملحة لدعم الفلاح المصرى، وليس الفلاح الأجنبى، عن طريق توفير الأسمدة على صورة «NPK»، المغذيات الصغرى والكبرى، وليس الصورة الحالية من اليوريا المحرمة دولياً، والتى تُعد مصدر تلوث للزراعة والتربة والبيئة، ولا بد من تقليص المساحة المخصصة للبرسيم إلى 2 مليون فدان بدلاً من 3.3 مليون دون خلل فى إجمالى إنتاج المحصول، وذلك عن طريق رفع إنتاجية الفدان باستخدام نوع متميز من الأسمدة الحيوية الصديقة للبيئة والتى نجحت أنا وفريقى العلمى فى جامعة المنوفية فى إنتاجها وتم تطبيقها على أرض الواقع خلال السنوات الست الماضية، وحققت طفرة فى إنتاجية الأعلاف الخضراء بشهادة عدة لجان من وزارة الزراعة إبان عهد الدكتور أيمن أبوحديد.
هذه الأعلاف «البرسيم» يزيد فيها محتوى البروتين ليصل إلى 26% بدلاً من 12%، وتكون أراضى البرسيم التى تم تسميدها حيوياً صالحة فى موسم الزراعة الصيفى لزراعة الذرة الصفراء زراعة تعاقدية للدولة بسعر منافس لا يقل عن 420 جنيهاً للأردب وبعقود ملزمة من الدولة لصالح الفلاح المصرى، مما يترتب عليه الاستغناء عن استيراد ما يقرب من 6 ملايين طن ذرة صفراء كلها مهندسة وراثياً وتشكل خطورة كبيرة على صحة الإنسان والحيوان، من خلال دخولها فى برامج علف الدواجن والماشية بنسبة 60%.
مصر تستورد من «الأرجنتين والبرازيل وأمريكا»، وهى دول تزرع الأصناف المهندسة وراثياً (GMO) وتقوم بتصديرها، وفى المقابل نجد دول الاتحاد الأوروبى توقفت تماماً عن استخدام كل من الذرة الصفراء وفول الصويا المهندسة وراثياً فى برامج تغذية الحيوان والدواجن.
إن المساحة التى تمت زراعتها فى الموسم الشتوى بمحصول القمح تُزرع صيفاً بأصناف فول الصويا التى تمتاز بمقاومتها لدودة ورق القطن، وذلك من خلال الأصناف المنتخبة من مركز البحوث الزراعية بالتعاون مع بعض الباحثين من الجامعات المصرية، وبالتالى يسمح التركيب المحصولى بهذا الشكل بزراعة محصول نجيلى يعقبه محصول بقولى والعكس، وبالتالى تزداد خصوبة التربة الزراعية عاماً بعد عام، ونستطيع بذلك تقليل كميات الأسمدة المستخدمة، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية وتوفير ما يقرب من 120 مليار جنيه سنوياً لخزانة الدولة وتقليل العجز فى الميزان التجارى، ولنا أسوة فى دولة البرازيل، حيث قللت العجز فى الميزان التجارى بحوالى 500 مليار دولار قروضاً من البنك الدولى فى خلال عامين اثنين فقط عن طريق الزراعة والزراعة فقط.