تراتيل كنسية وأناشيد إسلامية وأغانٍ شعبية.. اللي يمدح العدرا قلبه ينشرح
السيدة مريم حاضرة في ترانيم الأقباط وأناشيد المسلمين
رغم اختلاف الأديان فى العقائد، إلا أنها توحدت على حب العذراء مريم، فهى الفتاة اليهودية التى تربّت فى الهيكل اليهودى، وهى العذراء مريم والدة الإله يسوع المسيح، حسب العقيدة المسيحية، وهى كاملة الطهر والدة النبى عيسى فى الإسلام، فالكل يقدّرها ويعظّمها، مهما اختلفت المسميات، فيجتمع الكل على محبة العذراء مريم، تلك البتول التى حملت بدون زرع بشر، وهى المتضعة التى خدمت اليصابات وقت حملها، وهى كاملة الطهر والمحبة، والتى رُفع جسدها إلى السماء.
كل هذا جعل الجميع يمدحونها، سواء كان بالتراتيل الكنسية أو الأناشيد الإسلامية، أو بالأغانى الشعبية المصرية، فإن اختلفت آلات العزف أو طرق الإنشاد أو التراتيل، وإن اختلف المؤدون أو طريقة التلحين، فالكل اجتمع على شىء واحد فقط هو «حب العذراء مريم».
مدائح العذراء ترتبط بكل شيء في حياة الأقباط
«أمدح فى البتول وأشرح عنها وأقول.. انتى أصل الأصول يا جوهر مكنون.. بك يا نعمتنا وخلاص جنسنا. قد بلغنا المنى. ونحن بك فرحون» بابتهال مبهج وقلب ينبض من الفرحة، يلتف الأقباط فى الكنائس خلال شهر ديسمبر الحالى المزامن لشهر كيهك القبطى طوال الليل، مروراً بالفجر حتى الصباح الباكر يتلون التراتيل والمدائح فى محبة العذراء مريم، دون كلل أو ملل، وهو ما يعكس كم المحبة من الأقباط للسيدة العذراء والدة الإله التى اختارها الله كى يتجسّد من خلالها، لما لها من طهر وقداسة -حسب الاعتقاد المسيحى- لذا فمكانتها كبيرة، ما تبعتها كثرة الترانيم والمدائح التى تمتدح صفاتها وما تميزت به.
وارتبطت مدائح العذراء بكل شىء فى حياة الأقباط، وأصبحوا يستحدثون لها ترتيلات جديدة يوماً بعد الآخر، أبرزها وقت ظهورها فى كنيسة العذراء بالزيتون عام 1968، وقتها ظهرت ترنيمة جديدة تقول: «العدرا معانا فى الزيتون جيانا فرحت قلوبنا بوجودها ويانا» تلك الكلمات أيضاً التى صحبتها كلمات «فرحة القلوب»، وكأنه تأكيد ضمنى من الأقباط أن مدح العذراء كل حين فرح للقلب، ويكرّرون ذلك فى كل المدائح.
المسيحيون يرتلون لها التماجيد والمسلمون ينشدون في عشقها
الترتيلة أو الغنوة ذاتها أنشدها المنشد المسيحى الشهير مكرم ميخائيل الشهير بـ«مكرم المنياوى»، وهو عازف ربابة يرتل ترانيم أقرب إلى أغانى الموال الصعيدى، أشهرها «رشوا الورد»، بالإضافة إلى مدائح وابتهالات أخرى ذات طابع غنائى وفلكلور صعيدى فى الكلمات أيضاً، لعل أبرزها حين قال: «العدرا نايمة وملاك الرب بشرها، قال لها مريم ستحبلين وتلدين ابناً»، فيكمل: «قالت أنا أحمل إزاى وأنا بكر وعروسة وعرضى زى الحرير ولا يدخلوش سوسة»، وهى كلمات صعيدية شعبية لا تمثل الكنيسة، إلا أنه يصل بها فكرة بتولية مريم العذراء، فيختتم: «يا بهية المنظر ووديعة فى المظهر يا مريم يا شريفة يا تقية».
من الجانب الغنائى إلى الأناشيد الإسلامية، فكان للعذراء نصيب أيضاً، كون الجميع يكرمها، فتوجد الأنشودة الشهيرة للمنشد الشيخ الأزهرى وليد شاهين، التى تقول: «إنى أنا الباحث عن الهوى وأنا المتيم.. قلبى ينشد لها والروح تترنم»، ولعل تلك الكلمات شبيهة بكلمات اللحن القبطى الخاص بـ«اللى يمدحها على طول قلبه ينشرح»، وكأن كليهما يتعلق قلبه بمدح العذراء رغم اختلاف الدين، إلا أن الاتفاق فى أنها البتول المحبوبة لهما، وهو ما يؤكده المنشد فى كلمات أنشودته: «أقول فى من لم يمسسها بشر.. بتول بتول حملت فى طفل كان فى مهده يتكلم». ويختتمها قائلاً: «سلام عليك يا سيدة النساء كلهم.. سلام عليك يا مريم».