«عكاشة»: دبلوماسية مصر اكتسبت شهرة عربية بانحيازها للدول والمؤسسات الوطنية.. وسياسة الحياد الإيجابي انطلقت من ثورة 30 يونيو
عكاشة
سياسة الحياد الإيجابى والعلاقات الجيدة مع الدول سواء عربياً أو عالمياً بنتها مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى على أساس مبدأ الحفاظ على الدولة الوطنية كأحد أهم مخرجات ثورة 30 يونيو، وفق العميد خالد عكاشة مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، وقال، فى حوار عبر الهاتف لـ«الوطن»، إن السياسة الخارجية المصرية تكتسب شعبية كبيرة لدى الشعوب العربية لما اتبعته من مواقف محترمة وسياسة خارجية شريفة، على حد وصفه.. وإلى نص الحوار:
عندما تجد كثيراً من الدول لديها مشروعات عملاقة داخل مصر وشريكة لمصر فى هذا الأمر، فهذا هو النموذج العصرى اليوم لعمليات الشراكة، والدول الكبرى سواء الولايات المتحدة أو الصين أو روسيا وأوروبا لديهما شراكات مع مصر ومشروعات ومناطق صناعية وشراكات فى مناطق اقتصادية وغيرها من المشروعات الكبرى ذات الاهتمام الدولى. والحقيقة أن هذه الشراكات التى سعت إليها مصر من الملامح الحقيقية لبناء الشراكات المستدامة التى ما بين الدول وبعضها، وكانت نمطاً ناجحاً بامتياز .
الشراكة في التنمية
مسألة تقسيم بعض الدول العربية كانت قريبة للغاية، كيف تعاملت مصر مع هذا المحور فى سياستها الخارجية؟
- مصر فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لديها تحركات متميزة خلال الفترة الماضية وتحديداً خلال الـ8 سنوات الماضية، وربما بدأت هذه التحركات من لحظة صعبة جداً وهى لحظة ثورة 30 يونيو فى 2013، إذ كان الوطن يمر بأصعب حالاته وكذلك المنطقة ككل، فقد كان على المستوى الدولى هناك انشغال من الأطراف الدولية ببعض المشروعات التى نظرت بها إلى الإقليم بنحو لا يتوافق بشكل كبير جداً مع المصالح الوطنية المصرية أو حتى مصالح دول الجوار، فجاءت ثورة 30 يونيو كثورة ملهمة بامتياز بالنسبة لدول عربية كثيرة.
ما الخطوات العملية التى ترجمت أو عبرت عن تلك المبادئ الجديدة للسياسة الخارجية المصرية؟
- دخلت مصر فى أكثر من عملية وساطة وبذلت جهوداً تجاه الدول التى تعيش مراحل انتقالية مثل ليبيا وسوريا واليمن، وفق مفهوم الحفاظ على الدولة الوطنية ودعم المؤسسات الوطنية، ولهذا اكتسبت السياسة المصرية شعبية كبيرة جداً لدى شعوب المنطقة العربية، لأن هذه الشعوب أدركت أن فلسفة السياسة الخارجية المصرية فلسفة رشيدة جداً تسعى لمصالح هذه الشعوب والتى تقوم على مبدأ الشراكة المتوازنة والشراكة الحقيقية التى تخلق مصالح مشتركة للشعوب ما بينها وما بين بعضها البعض وما بين الدول، ومصر عندها حرص على أن يمر الوطن العربى بحالة استقرار وبقدر من التوازن الأمنى الذى يسمح له أن ينتقل إلى مرحلة النمو والبناء والتنمية.
«السيسي» نقل أفريقيا إلى الأمام وأصبح لها شراكات تنموية مع مختلف الدول
هل هذه المفاهيم كانت قاصرة على المنطقة العربية فقط؟
- الحقيقة أنه نفس هذه المفاهيم انتقلت بشكل جيد جداً إلى محيطنا الأفريقى، الأمر لم يتوقف عند الوسط العربى فقط، وكانت ثورة 30 يونيو كذلك بمثابة فاتحة جديدة للعلاقات مع قارة أفريقيا وشعوب القارة السمراء، وقد أدار الرئيس عبدالفتاح السيسى باقتدار وبنفسه رئاسة الاتحاد الأفريقى فى عامين فارقين من عمر الاتحاد الأفريقى خلال السنوات الثمانى الماضية، من خلالهما وضع الرئيس السيسى المبادئ الحاكمة للدولة المصرية على مائدة الاتحاد الأفريقى والترسيخ لكل الأشكال الإيجابية والأنماط الإيجابية فى إدارة العلاقات الخارجية مع دول القارة، واستطاع الرئيس السيسى القيام بعملية تشبيك جيد جداً ومتميز ما بين القارة وما بين مختلف الكتل على مستوى العالم سواء كانت فى أوروبا أو حتى الصين وروسيا أو اليابان.
ماذا كانت نتائج ذلك بالنسبة لقارة أفريقيا؟
- هذه التحركات المصرية كانت بمثابة نقلة لقارة أفريقيا وكانت نقلة متقدمة جداً للأمام، وفى نفس الوقت أعاد الرئيس السيسى لمصر بقوة اهتمامها بالشأن الأفريقى، وأن تكون مصر دولة رئيسية وأساسية فى القارة بل دولة قائدة للقارة وهى حلقة وصل رئيسية بين القارة والعالم كله.
المنطقة كانت تمر بظروف صعبة للغاية، وأخذ أى قرار يخص السياسة الخارجية كان صعباً خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتوازن بين مصلحتنا وعدم الإضرار بمصالح الدول الأخرى، كيف حققنا هذه المعادلة؟
- التوازن الذى تتحدث عنه هو عنوان النجاح الرئيسى للسياسة الخارجية المصرية، وعنوان النجاح للنظام السياسى المصرى الحالى أنه استطاع خلق حالة من التوازن والعلاقات الجيدة والإيجابية مع كل الأطراف الدولية، كما خلق مساحات عمل مشتركة بإنشاء مبادئ سياسية شريفة ونزيهة لها علاقة بالمصالح الحقيقية لهذه الدول ولهذه الشعوب بدون أطماع ومن دون دخول فى صراعات، مصر فى الواقع لعبت دور رجل الإطفاء فى المنطقة وعلى مستوى العالم، هذه المكانة لا تأتى فى يوم وليلة، بل تُصنع بعديد من المواقف وبالاستمرارية، حتى جعلنا العالم كله ينظر اليوم فى مؤتمر المناخ الأخير بتقدير بالغ للدولة المصرية باستضافتها هذا المؤتمر الدولى.
ذكرك مؤتمر المناخ يجعلنى أسألك عن نظرة العالم لدعوة الرئيس السيسى إلى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية؟
- دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لضرورة وقف الحرب لم يكن ليطلقها لولا أن مصر لديها المكانة ولديها العلاقات المتوازنة والدقيقة مع كل الأطراف، وأن مصر تحتفظ لنفسها بقدر من الثقة والمصداقية عند كافة الأطراف. والدعوة لاقت قدراً كبيراً من الاهتمام الدولى وأصبحت حديث وسائل الإعلام خلال تغطيتها للمؤتمر. وكل هذه الأمور دلالات وإشارات على الجهد الدبلوماسى وجهد السياسة الخارجية المتوازنة لمصر والرشيدة فى نفس الوقت، الذى بذلته مصر خلال الثمانى سنوات الماضية.
العالم لا يحترم إلا الدول التي تعمل
مصر كانت حريصة على نقل تجارب التنمية إلى الدول الأخرى، هل نحن أمام نوع من الدبلوماسية يمكن أن نطلق عليه دبلوماسية التنمية؟
- نعم يمكن أن نستخدم هذا المصطلح، فلن تستطيع أن تحقق مكانة دبلوماسية كبيرة أو معتبرة على المستوى الإقليمى وعلى المستوى الدولى إلا لو كان لديك فى الداخل مشروع وطنى متكامل عنوانه التحديث الشامل والبناء الذى يحترمه العالم كله اليوم، العالم لا يحترم إلا الدول التى تعمل، والتى لديها إنجازات والدول التى لديها مشروع وطنى متكامل يبعث على الاحترام وعلى التقدير، ولا يوجد دولة يمكن أن تقوم بشراكة مع دولة مشوشة أو متعسرة، وإنما مع الدول أصحاب الاستقرار والمشروعات الكبرى ثابتة الأقدام، الدولة التى لديها رؤية لديها خطط استراتيجية تعمل عليها فى الداخل وفى الخارج، وهذه الأمور وجدها المجتمع الإقليمى والمجتمع الدولى فى الدولة المصرية، ومن هنا اكتسبت المكانة هذه، كثير من دول الإقليم ودول العالم شركاء لنا، وبالتالى مصطلح دبلوماسية التنمية المشتركة مصطلح صحيح.