أحمد عمر هاشم: النبي أُرسل رحمة للعالمين.. وإحياء ذكرى مولده بإحياء خُلقه
الدكتور أحمد عمر هاشم
قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إن بقاء ذكرى النبى الكريم بالأخلاق التى بعث ليتممها، والله قال عنه «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ».
عضو هيئة كبار العلماء: وضع أول وثيقة عالمية لحقوق الإنسان
أكد «هاشم»، فى حواره مع «الوطن» أن الحبيب وضع أول وثيقة عرفها العالم لحقوق الإنسان نصت على «لهم ما لنا وعليهم ما علينا».. وإلى نص الحوار:
حدثنا عن دستور الأخلاق المحمدية للنجاة من الانحدار الأخلاقى الذى نعيشه اليوم؟
- لقد منّ الله على الأمة الإسلامية أن بعث فيها محمداً رسول الله، ونحن إذ نحتفى بالنبى الكريم، لا نحتفى به فى يوم واحد، فنحن لم ننسَ المصطفى صاحب الشفاعة بل ذكرى الحبيب الهادى باقية، وبقاء ذكرى النبى الكريم عبارة عن الأخلاق التى قال عنها نبينا الكريم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، فأول خلق نتعلمه من سيدنا رسول الله فى حياتنا اليومية، هو الرحمة، فكانت تلك رسالة النبى، فقال الله تعالى «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ»، وحبيبنا المصطفى لا ينازعه فى رحمته أحد لأنه كان عنوانه «الراحمون يرحمهم الرحمن» و«ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء»، فحبنا لرسول الله ينبع من هذا الخلق الكريم، ثم تتجلى أخلاقه الكريمة فى معاملته مع المخالفين معه.
كان النبي يتعامل بالرحمة والموعظة الحسنة
كيف كان يتعامل النبى مع المخالفين والمسيئين؟
- كان نبى الإسلام يتعامل بالرحمة والموعظة الحسنة، فكان النبى فى حديثه مع اليهودى الذى يسكن بجواره، ليس حديثاً مختلفاً لكن كأنه أخ فى الإسلام، وحينما وقف النبى فى جنازة الرجل المجوسى، فيقولون له يا رسول الله إنه مجوسى، فيرد عليهم بقوله «إنها نفس»، ثم إن الحبيب المصطفى وضع عنواناً للبشرية فى أول وثيقة عرفها العالم لحقوق الإنسان، وهى وثيقة المدينة، التى أوصى الرسول فيها بالحقوق والواجبات، فنصت على «لهم ما لنا وعليهم ما علينا».
الوفاء داخل الأسرة والمجتمع أصبح نادراً.. كيف يتم علاج ذلك؟
- الوفاء هو الخلق الثانى الذى علَّمه لنا سيدنا رسول الله، فكان النبى وفياً بزوجته وأبويه وبأعمامه وجده عبدالمطلب، ولا ننسى أن النبى حينما كان يمر على قبر أمه أو أبيه كانت تدمع عيناه، غير أن نموذج الوفاء النبوى شمل الإنسان والجماد، حتى مع أرضه وبيته، فحينما خرج مهاجراً من مكة إلى المدينة يعلمنا الوفاء مع الوطن فيقول لمكة «والله إنك لخير أرض الله وأحب أرضٍ إلىَّ ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت منك»، وبعد فتح مكة فى السنة الـ8 من الهجرة، كان ممكناً أن يعود إلى مكة، لكنه بقى فى المدينة ليؤكد أن بقاءه فى المدينة وفاء لتلك الأرض الطيبة، فكان اسمها يثرب قبل الهجرة فأصبحت طيبة.
أحمد عمر هاشم: الرسول علمنا التواضع للتعامل مع المجتمع
وماذا عن التعامل مع الجار والصديق وأفراد المجتمع؟
- هناك خلق عظيم علمنا رسول الله للتعامل مع المجتمع، وهو التواضع فكان النبى المرسل الذى أتاه ملك الجبال، وقال له «إن شئت أحوِّل لك الأرض إلى ذهب لتحولت»، ومع ذلك كان النبى يخدم آل بيته ويخدم أصحابه ويساعدهم، بل كان يتخير العمل الشاق مع أصحابه، ثم هناك خلق لكل الدنيا يجب أن يتعلموه وهو أن النبى لا يتدخل فى شئون الناس الدنيوية، قائلاً «أنتم أعلم بشئون دنياكم»، فلم يكن النبى متدخلاً فى شئون تتعلق بشئون الدنيا إلا ما ورد فى علم الله، وما ورد فى كتاب الله.
النبى الكريم لم يلغِ كل عادات المخالفين فى إشارة إلى احترام المخالف لك؟
- هذا صحيح، فهناك عادات حسنة فى العرب تم الإبقاء عليها، كذلك توقير الكبير وذوى الشأن، ففى دخول مكة المكرمة قام بتوقير ذوى الشأن، فقال «من دخل بيت أبى سفيان فهو آمن»، فكان أبوسفيان يحب الفخر، والنبى قال «خياركم فى الجاهلية خياركم فى الإسلام»، فلم ينكر النبى كل الصفات الموجودة قبل الإسلام بل أقام عليها قيمه وأخلاقه، ولابد أن نتعلم الأخلاق المحمدية.
العدل
هناك خلق آخر لسيدنا محمد يجب أن نتعلمه، وهو العدل والمساواة، ففى المدينة المنورة آخى بين المهاجرين والأنصار، فجعل هناك مجتمعاً متماسكاً، كذلك كان يرفض النبى الكِبر ويدعو للتواضع، فحديث عبدالله بن مسعود عن النبى قال «لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة؟، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بَطَر الحق وغمْط الناس»، فى إشارة منه إلى أن المسلم لا يتمتع أبداً بهذه الصفات غير الإنسانية، وفى هذه المناسبة شيخى الراحل الشيخ محمود أبوهاشم عليه رحمة الله، قال «كن قابل العذر واغفر ذلة الناس ولا تطع بالغيب أمر وسواس فالله يكره جباراً يشاركه ويكره الله عبداً قلبه قاسٍ».
جان جاك روسو
لم ير العالم حتى اليوم رجلاً استطاع أن يحول العقول، والقلوب من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد إلا «محمد» ولو لم يكن قد بدأ حياته صادقاً أميناً ما صدقه أقرب الناس إليه، خاصة بعد أن جاءته السماء بالرسالة لنشرها على بنى قومه الصلاب العقول والأفئدة