أحمد محمد حنفي يكتب: مشروع المليون صوبة زراعية في الأراضي غير الصالحة
حنفي
تعاني مصر من وجود فجوة بين إنتاج الغذاء واستهلاكه، ويتم علاج المشكلة منذ أعوام عديدة باستيراد الغذاء من الخارج مع مقارنة ظالمة بين الأسعار العالمية للغذاء المستورد منخفض الجودة فى بعض الأحيان، وبين تكلفة الإنتاج المحلى عالى الجودة، وبالتالى يمكن استخدام الصوب فى الإنتاج الزراعى، بهدف إنتاج محاصيل فى غير مواسمها الطبيعية بإمكان التحكم فى الأحوال المناخية داخل الصوبة، لتتوافق مع المواسم التصديرية المثلى للأسواق الخارجية، مع مطابقة جودة المنتجات لمتطلبات التصدير، الصوب الزراعية تهيئ ظروفاً خاصة جداً للإنبات، بعيداً عن التغيرات المناخية، ومن مميزاتها إمكان اختيار التربة المناسبة لعملية الإنبات، وكثرة العمالة، ويتم رىّ النبات بمياه عذبة أو قليلة الملوحة، ويقل استخدام المياه فيها عن الاحتياجات المائية للزراعة التقليدية بنسب كبيرة، نظراً لانخفاض معدلات البخر ومعدلات تسرب مياه الرى فى التربة، وهذا ما يتوافق مع أزمة المناخ التى تجتاح العالم الآن، سيما وأن البيوت المحمية تُعتبر أداة فعالة فى منظومة السياسة الزراعية التى يمكن أن تنتهجها الدولة لتحقيق أهدافها التوسعية فى مجال الإنتاج الزراعى، وتحقيق الأمن الغذائى، ودعم التنمية الزراعية المستدامة.
وبمقارنة الزراعة فى الأرض التقليدية (الزراعة المكشوفة) بالزراعة فى صوب زراعية نجد أن الأخيرة تعطى نسبة 1:6 وتصل إلى 1:9 إنتاجية لنفس المساحة فى الزراعة المكشوفة، أى أن الإنتاج فى الزراعة المحمية يعطى من 5 إلى 8 أضعاف المكشوفة، ويعنى ذلك أن استخدام الأراضى الزراعية والموارد المائية المحدودة سيكون بكفاءة، أما العمالة فهى متوفرة. فهو قرار صائب ومربح اقتصادياً ولا يختلف عليه اثنان، حيث أكدت بعض دراسات الجدوى التى أجراها عالم الاقتصاد الزراعى المصرى الأستاذ الدكتور محمد كامل ريحان أن معدل العائد الداخلى (IRR) يصل من 20% حتى 40% وهذه النتائج فى غاية الأهمية.
فلو تخيلنا جدلاً أن زراعات الخضر فى الزراعة المكشوفة تتراوح مساحتها ما بين 2.5 و3 ملايين فدان، فمعنى ذلك أن خُمس أو ثُمن هذه المساحة يمكن استخدامها لإنتاج نفس كمية الخضر بالصوب واستخدام المتوفر من تلك المساحة فى زراعة محاصيل أخرى، وهو أفضل استصلاح واستخدام للموارد الأرضية والمائية، حيث تُعتبر فرصة لإحلال المحاصيل التقليدية فى المساحات التى كانت تشغلها تلك المحاصيل، ورفع كفاءة استخدام المياه، حيث توفر ما بين 60 و70%.
وتعتمد الفكرة على تنفيذ مشروع صوبة لكل خريج (500 ألف صوبة لخريجى كليات الزراعة)، و(500 ألف صوبة لخريجى الدبلومات الفنية الزراعية) على اعتبار أنهم مؤهلون علمياً بنسبة 70% والـ30% المتبقية تأتى بالتدريب والممارسة، ويتم ذلك فى مساحات موحدة بالظهير الصحراوى لكل محافظة من المحافظات التالية (الأقصر، قنا، سوهاج أسيوط، المنيا، الفيوم، بنى سويف، الجيزة)، والسبب فى ذكر اختيار هذه المحافظات بالوجه القبلى تحديداً أنها تُعد فرصة ثمينة لاستغلال أراضى الدرجة السادسة (الأراضى الجيرية الصمّاء التى تصلح للزراعة وتشكّل مساحات كبيرة فى الجزء الغربى المتاخم لهذه المحافظات، وهذا يُعد استغلالاً اقتصادياً أمثل لتلك الأراضى)، فالأمر لا يتطلب سوى مد قنوات مائية فى صورة أنابيب لا يتعدى قطرها 5 بوصات مع إنشاء وحدات سكنية بيئية تتناسب مع الظروف البيئية لتلك المناطق.
أما بالنسبة لمحافظات الوجه البحرى (المنوفية، الإسكندرية، البحيرة، السويس، الإسماعلية، شمال سيناء) ومحافظات الوجه القبلى (البحر الأحمر، أسوان، الوادى الجديد). يُشترط أن تكون الأولوية لأبناء هذه المحافظات، فهذه فرصة للتوطين الزراعى فى مناطق جديدة من ناحية، وزيادة الرقعة الزراعية من أراضٍ يستحيل الزراعة فيها. وبالنسبة لسيناء على وجه الخصوص تعتبر هذه فرصة أيضاً لدمج أهالى سيناء بالمجتمع المصرى، وهذا يُعد بُعداً قومياً أصيلاً لا يتجزأ فى هذا المقترح.
أهم مؤشرات الجدوى الاقتصادية
تكاليف إنشاء هذا المشروع: 9.4 مليار جنيه
الإيرادات المتوقعة: 16.5 مليار جنيه
صافى الربح: 7 مليارات جنيه
فترة استرداد رأس المال المستثمر: سنة و9 شهور
معدل العائد الداخلى IRR: 45%
آليات التنفيذ كالتالى:
1- تخصيص مساحة 200 فدان لمشروع الصوب لشباب الخريجين فى المحافظات المذكورة.
2- يتم عمل حصر لشباب خريجى الكليات والمعاهد العليا والدبلومات الزراعية بالشروط الآتية: مصرى الجنسية، حسن السير والسلوك، أنهى الخدمة العسكرية، ليس عليه أى التزامات مالية، غير حاصل على وظيفة حكومية وغير حاصل على قروض.
3- ثم يتم تخصيص 500 م2 لكل شاب فى صورة مجمعات إنتاجية كل مجمع يتم عمل جمعية تعاونية له.
4- يتم تسليم الصوب الزراعية بقروض ميسرة على دفعات تنفيذية حتى نضمن عدم استغلال أموال القرض وأقترح تمويل هذا القرض بموجب (رعاية استثمارية لكل 10 صوب زراعية من الشركات ورجال الأعمال أو دخول هذه الشركات فى صورة أسهم للمشاركة فى هذا المشروع).
5- تفعيل دور البنك الزراعى فى توفير تلك القروض الميسرة.
6- يتم عمل جمعيات تعاونية لمنتجى الصوب الزراعية فى كل منطقة تقوم بالإشراف والمتابعة وتوفير الخدمات (مستلزمات الإنتاج المدعومة، خدمة النقل، خدمة التخزين، خدمة عمل ثلاجات حفظ خضراوات)، كل هذا سيخفض التكاليف الإنتاجية.
7- تبنِّى فكرة الزراعة التعاقدية فى إنتاج وتسويق الحاصلات الزراعية من هذه الصوب.
* المحلل الاقتصادى والتنموى، الباحث بقسم الدراسات الاقتصادية، مركز بحوث الصحراء