عم عيسى.. "أبو ضحكة جنان" يتحدى صعوبات الحياة
تراه منكبًا حاملًا صفائح المياه، لا يرهقه ثقلها ولكن ثقل الأيام كان أشد، لم يعد يشغله كثيرًا البحث عن زيادة قوت يومه، فابتسامته المميزة التي لم تفارق وجهه، تبعده عن صعوبات حياته.. عم "عيسى"، بائع المياه في شوارع التجمع الخامس، شخص لن يهمك كثيرًا الوقوف معه طالما كنت تسكن في "كومباوند" مغلق أو فيلا محصَّنة، ولكن عمال التجمع يعرفونه جيدًا، فهم زبائنه يوميًا.
بعمته البيضاء، يقف الرجل السبعيني، القادم من الصعيد، بجانب صفائحه الفارغة، ممسكًا بخرطوم مياه يملؤها لعمال التجمع الخامس، بمساعدة منه لتوفير المياه للعمال ومن ناحية أخرى باب رزق، "معنديش عيال ولا اتجوزت طول حياتي، ولما أبويا وأمي ماتوا جيت على القاهرة وعايش فيها بقالي 30 سنة، ولما ملقتش شغل بقيت أروح المناطق الجديدة اللي فيها مساكن بتتشطب وأوفَّر للعمال صفايح ميه للشغل"، مضيفًا "بقالي 7 سنين في التجمع والعمال كلهم بيحبوني، عشان بوفَّر عليهم تعب تدويرهم على الميه وطلوعها البيوت عشان الأسمنت وشغلهم، وعلى قد ما الشغلانة صعبة بس بحبها عشان مش كتير بيشتغلوها لأنها متعبة".
يملأ عم "عيسى" 10 صفائح من الماء – هما كل ما يمتلكه – عدة مرات يوميًا، وبالرغم من مشقة عمله إلا أن ضحكته لا تفارق وجه، "بملى الصفايح ميه وأطلعها البيت للعمال، وبيطلعلي في اليوم 40 جنيه، رضا من ربنا"، مضيفًا: "كل فترة فيه ناس ولاد حلال بيدوني صفايح السمنة واللبن بدل القديم عندي، عشان بيعوروا إيدي من كتر الصدى اللي فيها، بس مباخدش فلوس من حد والناس كلها بتحبني وبينادوني يا أبو ضحكة جنان".