خبراء بترول: تثبيت الإنتاج فى مصلحة الاقتصاد
أكد خبراء اقتصاديات البترول أن قرار منظمة منتجى النفط «أوبك» تثبيت الإنتاج، مما خفض الأسعار للمرة الأولى منذ 4 سنوات من 110 دولارات للبرميل إلى نحو 60 دولاراً، يخدم الاقتصاد المصرى.
وقال عزيز عفت الخبير البترولى، إن القرار فى صالح مصر التى تحوّلت من مُصدر إلى مستورد للوقود، مشيراً إلى أن الكويت والإمارات والسعودية لن تتأثر بتراجع أسعار النفط، لأنها تمتلك مخزوناً استراتيجياً يكفيها لأكثر من 50 عاماً. وأوضح أن القرار يؤثر على فائض موازنات بعض الدول الأعضاء فى «أوبك»، لكنه يوفر أسعاراً مناسبة للجميع لا تضر بمصالح الدول المستوردة. وأضاف: القرار صدر فى وقت رائع، نظراً لأن الإقبال على خام البترول فى الشتاء أقل كثيراً من الصيف، خاصة أن العديد من الدول الأوروبية والعربية لن تلتزم بقرار «أوبك» وأولاها قطر، متوقعاً زيادة سعر البرميل منتصف العام المقبل إلى 83 دولاراً، نتيجة الإقبال على استخدام الوقود والاستكشافات الجديدة.
وقال مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولى، إن تراجع أسعار النفط عالمياً يخفّف الضغط على موازنات الدول المستوردة للبترول، وعلى رأسها مصر وتونس والمغرب، متوقعاً تحقيق مصر معدل نمو 2% تقريباً رغم الأزمة. وأكد أن الاقتصاد المصرى ينمو بوتيرة سريعة ملحوظة منذ 6 أعوام مضت، إلا أنه شهد تباطؤاً وتأثراً بالفترة الانتقالية داخل البلاد، بالتزامن مع تباطؤ الاقتصاد العالمى.
وقال إبراهيم زهران الخبير البترولى، إن قرار «أوبك» سياسى ويخدم مصالحها، وأشار إلى أن أسعار النفط غير ثابتة وتتغير من حين إلى آخر، لكنها مرتبطة باستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية لدول المنطقة، متوقعاً عودة الأسعار إلى طبيعتها فى أغسطس المقبل على أقصى تقدير. وأوضح أن القرار لا يضر المستوردين ولا المصدرين للخام، ويوفر الوقود لدول عربية مستوردة مثل مصر.
وقال الخبير الاقتصادى محمد العريان إن انخفاض الأسعار بنسبة 28% تقريباً يشتمل على إيجابيات، أهمها الدفعة التى وفرها للمستهلكين والمصنّعين داخل الدول المستوردة للنفط، والخفض الهائل فى الضرائب فى وقت مناسب، فضلاً عن تأثيره المناهض للتضخم. وأضاف فى مقال بصحيفة «الشرق الأوسط» إن إحدى أهم الإيجابيات تتمثل أيضاً فى أن الإنفاق على الطاقة يشكل جزءاً أكبر من ميزانية الأسر الأقل دخلاً، مما يساعد فى التصدى لبعض العوامل التى تسبّبت فى تفاقم تفاوت الدخول والثروات والفرص. فيما تتمثل السلبيات فى ضرورة إجراء تقليصات فورية فى الموازنات الاستثمارية لشركات الطاقة، والإضرار بأسواق السلع ككل، والأوراق المالية الصادرة عن شركات الطاقة والدول المصدرة للنفط على وجه الخصوص.
وقال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة: إن انخفاض أسعار النفط سيؤثر بالسلب والإيجاب على مصر، حيث إن الإيرادات النفطية الناتجة عن إنتاج مصر للنفط الخام ستتراجع فى ضوء تدنى الأسعار والاتجاه إلى تجميد أعمال تطوير الحقول. بينما الإيجابيات التى ستتمتع بها مصر جراء الانخفاض لن تكون كبيرة، حيث سترتفع مديونية الشركاء الأجانب بشكل طفيف العام المقبل، نظراً لتدنى الأسعار وثبات سعر الغاز فى الاتفاقيات البترولية، إضافة إلى تحقيق وفورات طفيفة فى مخصصات الدعم بالموازنة العامة للدولة حال استكمال خطة رفع الدعم عن الوقود خلال 5 سنوات.
وقالت الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس: إن تدنى الأسعار سيؤثر حتماً على مستقبل المساعدات الخليجية لمصر، نظراً لتأثر دول مجلس التعاون الخليجى المنتجة بالانخفاض، مشيرة إلى أن الانخفاض كفيل بخلق حالة ركود بتلك البلدان التى تعتمد على النفط كمحرك للنمو لديها.
من جهة أخرى، حذّر الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، من تأثير الأزمة على تحويلات المصريين بالخارج، وهو أحد أهم مصادر الدخل القومى، وقال إن نحو 9 ملايين معظمهم بدول الخليج سيتأثرون بحالة الركود التى ستشهدها اقتصادات تلك البلدان، فى ضوء تفاقم معدلات البطالة لديها، مما يُهدد تحويلات المصريين بالخارج، التى بلغت رسمياً نحو 18 مليار دولار، ودورها فى تعزيز الاحتياطى النقدى الأجنبى، لا سيما بعدما تقلّص عدد المصريين العاملين بليبيا، نتيجة للحرب الأهلية هناك. وقال الدكتور صلاح الدين فهمى، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن انخفاض أسعار النفط سيؤثر حتماً على تحويلات المصريين فى الخارج حال اتجاه تلك البلدان المتأثرة بالانخفاض لمراجعة الوظائف لديها، وتقنين العمالة الأجنبية، ومنها المصرية، التى بات مستوى كفاءتها متدنياً للغاية بقطاعات كبيرة منها.