"إيه الرسالة اللي تحب توجهها لربنا".. إجابة مصرية على سؤال خارج المقرر
خيال طفل، تبعثر في شكل كلمات على ورقة كراسة مدرسية، اعتاد أن يكتب فيها واجباته ودروسه، ويجيب فيها عن أسئلة الامتحان، ولكن السؤال هذه المرة كان من خارج المقرر، وليس مألوفًا، وربما صادمًا، فكانت الإجابات رسائل مفتوحة، فيها مشاعر طفولة، وأمنيات مستقبل، وتساؤلات فلسفية يعجز الكبار أمامها، فهذا طالب كتب أمنيته: "نفسي السما تمطر بيتزا"، وها هي طالبة تحلم قائلة: "نفسي أطلع الأولى حتى لو مرة واحدة"، وهذا طالب تربى على روح الانتماء فيقول: "نفسي أنتقم من كل عاوز يؤذي مصر، وأحمي شعب مصر"، وآخر يسعى لإرضاء ربه "أتمنى إني أواظب على الصلاة"، ولكن هناك الفيلسوف الذي تساءل: "لما خلقت المخلوقات الضارة، ولما خلقت المستحيل؟"، تلك هي النسخة المصرية للإجابة على سؤال: "إيه الرسالة اللي تحب توجهها لربنا؟".
"سناء مصطفى"، معلِّمة اللغة الإنجليزية، بإحدى مدارس اللغات، أُعجبت بالفكرة، التي دائمًا ما يفعلونها بمدارس أوروبية وأمريكية، فقررت أن تخوض التجربة المثيرة للجدل، ففي إحدى الحصص الدراسية، دخلت على طلابها بالصف السادس الابتدائي، كعادة كل يوم، ولكنها هذه المرة، طلبت منهم أن يخرجوا ورقة بيضاء، ويجيبوا على سؤالها، فظنوه في البداية امتحانًا مفاجئًا، إلا أنها طلبت منهم: "اكتبوا رسالة لربنا"، تقول سناء: "الطلاب في البداية، استغربوا شوية، وسألوني ليه، وأنا قلت لهم، متفكروش أنا عاوزها ليه، دي حاجة هساعدكم بيها، وفعلًا كتب كل واحد رسالته اللي عايز يوجهها لربنا، ولما شيَّرت الموضوع على الفيس مكنتش أقصد أثير جدل، ومكنتش متخيلة كم التفاعل اللي هيكون معاه، ولكني اتفاجئت". [FirstQuote]
"إيه الغلط إني أبعت رسالة لربنا، مش شايفة فيها أي حاجة مثيرة للجدل"، هكذا تقول معلمة اللغة الإنجلزية الشابة، متابعة حديثها: "من خلال رسايلهم، أقدر أعرف طبيعة سلوكياتهم، أعرف مشكلاتهم، وأقرب منهم بشكل أكبر، وأحس بيهم أكتر، وده هيساعدني في التعامل معاهم باختلاف طبيعتهم".
رسائل طلاب الصف السادس الابتدائي، رغم ما تحويه من بساطة، إلا أنها حملت اختلافًا في طرق التفكير، فبعضهم عبَّر بكوميديا وسخرية بريئة عن غضبه من طريقة الدراسة والتعليم فقال: "أتمنى أن يُحشر مدرسو الماس مع قوم ثمود، وأن يُحشر مدرسو الدراسات مع قوم عاد"، وبعضهم يراوده حلم الجواز من أجنبية منذ الصغر: "نفسي أتجوز من فرنسا وألمانيا وليبيا"، وآخرون أقصى طموحاتهم "فرصة عمل في السعودية"، وهناك من يفكر في اللعب، ويبدي غضبه من التعدي على نصيبه في النشاط الرياضي بقوله: "يا رب انتقم من كل اللي عاوز ياخد حصص الألعاب".[SecondQuote]
فكرة "الميس سناء"، رغم أنها لا تعتبرها مثيرة للجدل، إلا أن أحد الطلاب رفض كتابة رسائل مثل باقي زملائه، وهو ما كتبته المدرِّسة على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي، قائلة: "أحدهم قال لي: أنا لو كتبت اللي جوايا حتبقى مصيبة وفعلًا مرضيش يكتب"، كما أن بعضهم، تطرَّق في رسائله لنقاط جدلية، فقال: "يا رب أكون في جنة الفردوس الأعلى، بس كان عندي سؤال هو حضرتك مين خلقك؟ وكان نفسي أعرف إيه هيكون مستقبلي"، وبعضهم بدأ في مناجاة ربه: "يا رب هو أنا اخترت الطريق الصواب ولا الغلط؟".