«الوطن» تنشر استراتيجية «الأمن الفكرى» لمواجهة «التطرف» بالمدارس
اعتمد الدكتور محمود أبوالنصر، وزير التربية والتعليم، أمس، استراتيجية الأمن الفكرى لمواجهة ظاهرتى العنف والتطرف بالتعليم قبل الجامعى، التى أعدّها المركز القومى للبحوث التربوية والتنمية، وذلك باعتبار أن الأمن الفكرى يضمن التحصين الفكرى والأخلاقى والعقائدى للمتعلمين، ويهذب العقول ويحفظ النفس، ويُعد أحد مقومات المواطنة فى ظل العصر الرقمى، فضلاً عن أنه مطلب ضرورى للاستقرار الاجتماعى، وضمانة للمجتمع ضد التطرف الفكرى والإرهاب. وتتم التجربة بالتنسيق بين وزارة التربية والتعليم والمركز القومى للبحوث التربوية خلال خطة التنفيذ قبل اتخاذ قرار بتعميمها، كما تتم متابعة التنفيذ الميدانى ودراسة التحديات والصعوبات وكتابة تقارير بصفة دورية من داخل المدارس محل التجريب.
وتمثل الاستراتيجية خطة قصيرة الأجل مدتها 3 سنوات فى الميدان، تبدأ من العام الدراسى «2014 - 2015» وتنتهى فى «2016 - 2017»، حيث يتم توزيعها كالتالى وفقاً للأنشطة والإجراءات:
المرحلة الأولى: فى العام الدراسى 2014/2015، يتم إعداد الأدوات واختيار عينة من المدارس داخل المحافظات، والبدء بنشر ثقافة الأمن الفكرى داخل المدارس وتدريب المعلمين والموجهين والقيادات التربوية والتعليمية وأولياء الأمور، كمل يتم إنشاء «نادى الأمن الفكرى والمعلوماتى» داخل المدارس، وتدريب معلمى الأنشطة للقيام بأعباء تنمية مكونات الأمن الفكرى.
أما فى المرحلة الثانية، فى العام الدراسى 2015/2016، سيتم البدء فى معالجة مكونات الأمن الفكرى والمعلوماتى مع الطلاب من خلال حصة واحدة أسبوعياً، أو بالتناوب مع حصة المكتبة، بالإضافة إلى تفعيل أندية الأمن الفكرى.
وفى العام الدراسى 2016/2017 يتم متابعة التجربة وإعداد دورات تدريبية لعلاج الصعوبات ضماناً لإرساء الفكرة داخل الميدان، ودراسة إمكانية تعميمها، فى ضوء ما سبق، على جميع المدارس ودمجها فى الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعى حتى عام 2030. من جانبها، أكدت الدكتورة جيهان كمال، مديرة المركز القومى للبحوث التربوية، أن العنف المدرسى له عدة أنماط وفقاً لمستوى الضرر: «العنف النفسى، والإيحائى، واللفظى، والجسدى».
وأشارت إلى أن الاستراتيجية حددت الأسباب النفسية للعنف المدرسى فى الضغوط النفسية الناتجة عن البيئة الأسرية أو المدرسية أو الثقافة الاجتماعية، ومنها على سبيل المثال «نظام الامتحانات القائم على الحفظ والاستذكار، وطموحات الأسرة وتوقعاتها للطالب، وطرق التدريس التقليدية، ونظم الامتحانات، وإهمال الأنشطة المدرسية، وكثرة الواجبات المنزلية، والإدارة المدرسية التسلطية، إضافة إلى فقدان التواصل بين المعلم والطالب، وسيطرة بعض جماعات الرفاق على الطلاب».
وكشفت «جيهان» عن بعض مظاهر سلوكيات عنف الطلاب فى التعليم قبل الجامعى، ومن أبرزها «التدافع عند الخروج من المدرسة، ورفع الصوت أثناء تحدث الآخرين، وعدم تقدير أفكارهم، وإهمال تعليمات وقواعد المدرسة، والسخرية من المعلم بالإشارات، ونشر الشائعات داخل المدرسة، واستخدام الأيدى أثناء المزاح، والكتابة على أثاث المدرسة وعلى الحوائط والأسوار، وتمزيق الكتب المدرسية، وتخريب أثاث المدرسة».
وطرحت «كمال» فى الاستراتيجية 3 سيناريوهات لدمج مفهوم الأمن الفكرى، تتمثل فى «بناء مقرر دراسى بعنوان الأمن الفكرى والأخلاقى، وتضمين وحدات دراسية بعنوان (الأمن الفكرى) ببعض المقررات الدراسية الأدبية، وتضمين قضايا الأمن الفكرى فى مقررات المواد العلمية». وأوضحت أن الاستراتيجية تتحقق من خلال عدة آليات أهمها «تفعيل دور مجالس الأمناء والآباء والمعلمين فى نشر ثقافة الأمن الفكرى، وتنمية مهارات الأخصائييْن الاجتماعى والنفسى فى قياس ورصد ظواهر العنف وتحليلها وتحديد أسبابها، وتفعيل دور الإعلام التربوى فى تأهيل الميدان لتطبيق تجربة الأمن الفكرى، ودعوة رجال الدين والفكر بالدولة للمشاركة فى وضع مقررات الأمن الفكرى».
وأشارت مديرة المركز القومى للبحوث التربوية إلى وجود عدة متطلبات لتنمية الأمن الفكرى أهمها «تضمينه كأحد البرامج المُلحة فى الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعى، ومراعاة مخططى المناهج الدراسية لمكوناته، وإعداد برامج توعية من قبَل الوزارة للمعلمين والموجهين بقضايا الأمن الفكرى، وإنشاء أندية الأمن الفكرى بمدارس التعليم قبل الجامعى، وتبنى برنامج وطنى بين وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالى، والثقافة، حول الأمن الفكرى للطلاب، باعتبار ذلك مدخلاً للاستقرار الاجتماعى».
وتتمثل ركائز الخطة الاستراتيجية فى نقطتين أساسيتين «الإتاحة والجودة»، فالإتاحة تعنى ربط الأمن الفكرى بالخطة الاستراتيجية للتعليم، والمنوط بها إتاحة فرص تعليمية للجميع من خلال مبان آمنة، يتم دعمها بأدوات البحث وبناء المعرفة للطلاب. والركيزة الثانية هى الجودة وتتمثل فى تصميم كتيّب أنشطة بعنوان الأمن الفكرى والمعلوماتى تكون مفرداته: التحصين الفكرى وقيم الوسطية والاعتدال والتسامح وثقافة الحوار والاختلاف وتقدير الآخر ونبذ العنف والتطرف الفكرى.