بالصور| وودي آلن.. الكوميدي اللاذع وفيلسوف التشاؤم
لا يكتفي بكونه موسيقارًا وكاتبًا ومخرجًا، وأحيانًا ممثل الفيلم، بل يحاول قدر استطاعته خلق هذه الأفلام من شخصيته، وأفكاره البسيطة التي يمتلك مفاتيح تحويلها إلى فيلم ناجح، يبرز فيها شيئًا من شغفه، مخاوفه، عقدة الطفولية التي يتجاوزها الجميع عند تقدمهم في العمر إلا هو يخزنها في مكان خفي من عقله ليعيد استثمارها بعض ذلك في قصة ما.
يمتلك فلسفته الخاصة، التي جعلته في نظر البعض عبقريًا، وفي نظر آخرين مجرد أحمق، لديه أفكار تختلف توصيفها بين الصادمة والجريئة والمضحكة والغريبة، لا يعترف بالكمال فكل شيء يبدو "ناقصًا" بالنسبة له، كل تلك التناقضات رسمت لنا شخصية المخرج والكاتب والممثل "وودي آلن".
يحتفل النجم الكبير يوم 1 ديسمبر بعيد ميلاده الـ79، بالرغم من حب النقاد في إطلاق لقب "فيلسوف التشاؤم" عليه، لاسيما وأن أفلامه تُفلسف وجود الإنسان استنادًا إلى تجربته الشخصية وقراءاته في الدين والتاريخ والفلسفة وفي فرويد بالذات لينتهي إلى أن كل رغبة وكل طموح وكل فعل إنساني لا قيمة له أمام الموت، فكل شيء في نظره ماضٍ إلى نقطة النهاية التي لا تترك لأشواق وأحلام البشر أي معنى.
وتُقسَّم أفلام المخرج الأمريكي المبدع إلى شكلين متميزين؛ أولهما تلك الأفلام التي يشارك فيها كممثل وهي تأخذ منحى كوميديًا ساخرًا مثل روائعه "آني هول"، "مانهاتن"، "حنا وأخواتها" و"حب وموت"، فيما يتجه الشكل الثاني نحو الجدية المفرطة مثل "ماتش بوينت" و"إنتريورس"، لكن كلا الشكلين، رغم اختلافهما الظاهري، يقدمان فكرة واحدة، وهي ضآلة الإنسان أمام سخرية القدر وتفاهة الحياة.
وودي آلن ذلك الشاب النحيف المتأثر بالكوميديا الصامتة ليقف وراء الكاميرا لأول مرة سنة 1966 ليحقق "ما الجديد، تايجر ليلي"، أحد أسوأ أفلام الفترة، فالفارق النوعي بين هذا العمل والفيلم الثاني له، "خذ المال واهرب" عام 1969 كبير جدًا، ففي تلك الفترة كان هدف المخرج تقديم أعمال كوميدية مباشرة مع أفكار نيرة تجمع بينها شخصية رجل يبحث عن هوية في عالم غير ثابت ويفشل.
"وودي" قدَّم العديد من الشخصيات المميزة، فهو اللص الذي لا حنكة له في "خذ المال واهرب"، والمتهم بأنه ثوري لاتيني مرة وأمريكي قبيح مرة أخرى في "موز" عام 1971، والمنتقل من عالم اليوم إلى عالم مستقبلي غريب عنه في "سليبر" عام 1973، ورحلة البحث عن هوية، دينية وفكرية في "زيليغ" عام 1983، الذي ينتقل خلاله من شخصية اليهودي إلى شخصية المسيحي ليكتشف في النهاية أنه ملحد.
إنه "آلن" الكوميدي اللاذع الذي قدم للسينما العالمية أكثر من 47 فيلمًا، وحصل على العديد من الجوائز الفنية العالمية، ما بين "أوسكار" و"جولدن جلوب" و"بافتا" و"نقابة الكتاب الأمريكية".