المفتي يوضح حكم وضع كاميرات المراقبة في الأماكن الخاصة والعامة
كاميرات المراقبة - أرشيفية
تلقت دار الإفتاء المصرية، سؤالا حول «حكم وضع كاميرات المراقبة في الأماكن الخاصة والعامة»، وأجاب على السؤال الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية، وأعادت الدار نشر الفتوى على الصفحة الرئيسية لموقعها الرسمي، ويتناول التقرير التالي، بعضا مما جاء فيها.
حكم وضع كاميرات المراقبة
قال الدكتور شوقي علام، إنه لا يجوز مطلقًا وضع كاميرات المراقبة في الأماكن الخاصة التي تنتهك الحرمات، كدورات المياه أو غرف تغيير الملابس ونحوها.
وأما وضعُها في الأماكن الخاصة، كالبيوت، ونحوها، بغرض التجسس على الناس، حرامٌ شرعًا، إلَّا ما كان بناء على ما تُقرِّره القوانين والتشريعات.
وأما وضعُها في الأماكن العامة، كالشوارع والمحلات التجارية، أو مداخل العمارات السكنية، لمنع السرقة، ومراقبة حركة السير وضبطها، أو لتتبع ما يقع من الجرائم ومحاسبة المسؤول، أو في أماكن العمل لضبطه، فكل ذلك ومثله جائز شرعًا، خاصة إذا كان مُقَرَّرًا بالقانون، كما هو الحال في بلادنا اليوم.
كاميرات المراقبة
أشار مفتي الجمهورية، إلى أن كاميرات المراقبة، آلة تصوير توضع في أماكن معينة، لتقوم بتسجيل ما يقع فيها من أحداث تسجيلًا مرئيًّا ومسموعًا، بحيث يمكن الرجوع إليه فيما بعد، والحكم فيها بحسب الاستعمال.
والمقصود بالأماكن العامة، الأماكن التي يتَردَّد عليها فئات كثيرة من الناس ولا تؤول ملكيتها أو منفعتها لشخصٍ بعينه؛ وذلك كالشوارع، والحدائق، والهيئات الحكومية ونحو ذلك. وأَمَّا الأماكن الخاصة فهي التي تؤول ملكيتها أو منفعتها لشخصٍ بعينه؛ كالمنازل السكنية مثلًا.
دار الإفتاء
ولفت علام في رده على حكم وضع كاميرات المراقبة عبر موقع دار الإفتاء، إلى أن من المقرَّر أَنَّ الأمور بمقاصدها، وأن درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح، ومقاصد الشريعة الإسلامية خمسة هي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال.
وجعلت الشريعةُ كلَّ ما يحفظ هذه المقاصد مصلحة، وكل ما يضيعها مفسدة يكون دفعها في ذاته مصلحة؛ قال الإمام أبو حامد الغزالي في «المستصفى» (1/ 417، ط. مؤسسة الرسالة): [مقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم: دينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوِّت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة] اهـ.
وواصل: ومن سماحة ويسر الدين الإسلامي أَنْ جعل الأصل في الأشياء الإباحة؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [لقمان: 20]، وقال عز وجل: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْه﴾ [الجاثية: 13]، إلا أن الغاية لا تبرر الوسيلة؛ فالمباح إذا استعمل في محرَّمٍ يكون حرامًا.
وقال المفتي: فإذا كان وضع هذه الكاميرات في الأماكن الخاصَّةِ بغرض التجسُّس على الناس -كما يفعله البعض من اختراق الخصوصية بوضع كاميرات تصَوِّر الناس في موضع تخفُّفِهم من ملابسهم؛ كغرف تبديل الملابس بالمحلات التجارية- ففي ذلك جرمٌ عظيمٌ وإثمٌ كبير؛ فإن تخصيص أماكن مغلقة لتغيير الملابس، فيه إيذانٌ بعدمِ رؤيَةِ الغير لداخلها.
وإذا كان مَنْ فيها مع ذلك مرئيًّا بالكاميرات كان ذلك غدرًا وخيانةً له، فهو كمن أمَّن إنسانًا ثم غدر به، ولا يُؤمَن ما قد يضمره أصحاب هذه الكاميرات من الاحتفاظ بتلك الصور والمقاطع المرئيَّةِ وسوء استخدامها، وما قد يترتَّبُ عليه ذلك من تكرار رؤيتها أو تناقلها، وما قد يَجُرُّه ذلك من إشاعة الفاحشة بين الناس وهدم البيوت واتهام الأبرياء.
وقد نصَّ الفقهاء على أن النظر إلى العورات مُحَرَّم إلا أن تكون هناك ضرورة ماسَّة؛ كالتداوي.
حفظ الأموال من السرقة
واستدرك علام قائلا: وليست دعوى الحفاظ على الأموال من السرقة بدعوى صحيحة تسمح لأحد بالتجرؤ على تصوير الأشخاص عراةً وهم يبدِّلون ملابسهم، ثم الاطلاع على عوراتهم بعد ذلك؛ بل هناك الكثير من الوسائل التي يمكن بها الحفاظ على الأموال؛ وذلك كتركيب الأجهزة التي تعلق بالملابس، والتي تحدث أصواتًا مرتفعة إذا لم يتم إزالتها بجهاز لا يتوفر إلا عند صاحب المحل، كما يمكن تعيين شخص مسؤول عن مراقبة غرف الملابس وعدد الملابس التي يصطحبها كل مشترٍ قبل دخوله.