في ذكرى أحداث شهداء ماسبيرو: "الوطن" في منزل مينا دانيال
مازال الحزن يخيم على منزله بقرية "صنبو" بمدينه ديروط، التابعة لمحافظة أسيوط، في ذكرى استشهاده الأولى، خرج لنا رجل في السبعين من عمره، إنه "إبراهيم دانيال" والد الشهيد "مينا دانيال"، الذي فتح لنا الباب بابتسامة أمل ممزوجة بالحزن لنرى في عيونه صورة الشهيد ، الذي لقبه أصدقائه بـ"جيفارا المصري"، تقابلنا وجلسنا مع والده، الذي فتح لنا قلبه وحكى عن الشهيد.
قال والده: "مينا ولد في 22 يوليو بصنبو بأسيوط، وحباه الله بوجه جميل، وكان اسمه من اختياري على اسم قديس كنت أحبه كثيرا، وكان شفيعا بالنسبة لى، وهو القديس ماري مينا العجايبي، وبعد ولادته تعبت زوجتي حتى إنها كانت لا تستطيع فعل أي شيء سوى إرضاعه فقط، وكنت أقوم على رعايته، وبعد عام من ولادته، قررت العائلة الرحيل إلى القاهرة، سعيا وراء مستقبل أفضل، فقمت ببناء منزلا للعائلة بمنطقة عزبة النخل، وبعد أن بلغ مينا عامه الثالث، دخل الحضانة، ومن بعدها مدرسة محمد كريم بعزبة النخل، وكان يتميز بأنه طفل ذكي، ومتفوق وعاقل لدرجة تشعرك أنه عايش سنا أكبر من سنه، وكان قنوعا بدرجة كبيرة.
وأضاف: "التحق مينا بمدرسة الرشاد الإعدادية بالمطرية، وقتها كان يحب الاعتماد على نفسه كثيرا، ويبحث عن عمل لنفسه في الأجازة الصيفية، ورغم أن مجموع درجاته في الإعدادية كان يسمح له أن يلتحق بالثانوي العام، فإنه فضل الالتحاق بمدرسة الصنايع لترميم الآثار، لحبه الشديد للآثار الفرعونية والفن الفرعوني، كان يتمنى الالتحاق بكلية الآثار، لكنه مر بظروف أثرت على مجموعة في الدبلوم، ولم يستطع تحقيق حلمه، واضطر للإلتحاق بأكاديمية المقطم قسم نظم ومعلومات، وعندما وصل للفرقة الثالثة، بدأت أحداث ثورة يناير، وشعر بأنه لن يستطع أن يكمل في الكلية، لأنه كان يقول إن نجاح الثورة سيعمل على تغيير منظومة التعليم الفاسدة.
قبل وفاته طلب "إذا استشهد أن يتم لفه بعلم مصر، ويهتفوا له في التحرير"، وبعدها بيوم اتصل بنا أصدقائه، وأنه أصيب في ميدان التحرير ، وتم نقلة إلى المستشفى القبطي للكتدرائية، وعند وصولنا علمنا بوفاته، وحمله أصدقائه على الأعناق، وهتفوا له في التحرير.
وفي عام 2007 بدأ مينا يشارك في الحياة السياسية مع بعض الحركات الشبابية من بينها، حركة شباب من أجل الحرية والعدالة، وعمل على أن يخرج عن إطار الكنيسة، ويساعد الأقباط للخروج من هذا الإطار، لأنه كان يرى أن حقنا كأقباط مش هنحصل عليه داخل أسوار الكنيسة، حقنا هنحصل عليه من المواطنة نفسها، ومن الوطن نفسه.
وأشار والده ، إلى أن مينا كان دائما صديق مقرب لكل "الإخوان"، و"السلفيين"، وكان دائما يحب مصر، ويخاف عليها أكثر من حياته حتى أنه تمنى الشهاده من أجل مصر، وعندما علم بأن أمريكا ستقوم بحماية الأقباط حزن كل الحزن ورد "أنا هاذبح نفسي لو جابوا حماية على مصر ..دول عايزين يفرقوا الشعب " وعندما طلبت منه والدته الابتعاد عن التظاهرات، رد قائلا: "نحن لنا طلبات من أجل الحريه وليس هدفنا العنف".
وفى النهاية، قال والد الشهيد: "إن مينا كان صديق مقرب للشيخ عماد عفت، وآخر شئ اوجهه لابني الشهيد" وحشتني أوي يا مينا" وأتمنى أن أضمك في حضني، كما أوجه رسال للرئيس مرسي "أن يتقي الله في شعبه، وربنا يقويه".
أما والدة مينا فقالت عبر اتصال هاتفي التي سافرت لتحضر احتفال الكتدرائية بالذكرى الأولى لأحداث ماسبيرو: "إنها تحيا حياة ألم، من بعده وأنها عندما تنظر أمامها ولاتجده تشعر بأن قلبها خطف منها، ولكن العزاء الوحيد في هذه اللحظة أنه في الفردوس مع القديسين ومع البابا شنوده، وتضيف والدة مينا أن ما يشعرها بالحزن هو أن ما ضحى مينا بحياته من أجله، وهو العيش والحرية والعدالة الإجتماعية لم يتحقق منه شيء بل الحال صار أسوأ من الأول.