بروفايل| زوزو الحكيم.. منديل "سكينة" يعتصر الحب والموت
ملامحها الحادة، وصوتها القوي الذي ترتجف له القلوب، جعلوا منها المرأة الشريرة بكل تفاصيلها وقسوتها، فهي "سكينة" التي تنادي ضحيتها إلى الموت بدهاء "اتفضلي يا شابة"، وتحبس أنفاسها بمنديل مبلل تعتصره وراء ظهرها، وتجدها "إنجي" وصيفة "شجرة الدر"، والتي تحكم جواري القصر بصرامة وقبضة حديدية، وعندما لا ترى في الأم إلا حنانها، تجد في "زوزو الحكيم" جبروت المرأة الصعيدية، و"الأم" الصلبة كالمومياء الشامخة.
في 8 نوفمبر 1912، صرخت مولودة "حمدي الحكيم" إلى الدنيا، من بيت صعيدي في محافظة أسيوط، لتنشأ قوية صلبة في أحضان الجنوب، ورغم أنها عاشت في وقت حرمت فيها الفتيات من التعليم، حرصت أسرة "زوزو" على تعليمها، حتى تخرجت من المعهد العالي للتمثيل عام 1934، وعملت في الفرقة القومية التي كان يرأسها الشاعر "خليل مطران"، فكان للشعر نصيب من حياتها، حست به وحفظته، وارتادت الصالونات الثقافية، وألقت فيها القصائد والأشعار.
قد تظن أن المرأة القوية، التي يهابها الجميع على الشاشة الفضية، لم يعرف الحب مكانًا في قلبها، فكيف لـ"سكينة" القاتلة أن تحب، ولكنها عشقت وعشقت، وحكت في إحدى حوارتها الصحفية، أن شاعر الأطلال الطبيب إبراهيم ناجي تعرف عليها، وجذبته ثقافتها، وربطته بها قصة حب وأصبحت ملهمته بالشعر، فكانت تزوره في عيادته، فهو في الأصل طبيبًا قبل أن يكون شاعرًا.
كان يكتب لها القصائد على ظهر الروشتة، حتى أنها في ذات المرات سمعت قصيدة "الأطلال" لأم كلثوم، وشعرت أنها قرأت كلامها من ذي قبل، فرجعت إلى روشتات "ناجي" فوجدت كلمات القصيدة مدونة عليها، فأخذت تتباهى في حياتها، بأنها السيدة التي كتبت لها "الأطلال"، كما أن من يتطلع في دواوين ناجي سيجد أكثر من قصيدة له كتب تحت عنوانها إهداء إلى "ز".
"الحكيم" كما توجت في قصائد "ناجي" الرومانسية، كان لها في الحياة الزوجية نصيب أيضًا، فتزوجت 3 مرات، إحدهما كانت من الصحفي محمد التابعي، إلا أنه لم يستمر طويلًا، فيما استمر زواجها الأخير، ما يقرب من ربع قرن وأنجبت خلاله ابنتها الوحيدة.
لـ"زوزو" تراث نادر من الأعمال الفنية، فعلى مسرح "فاطمة رشدي"، شاركت في روايات: "النسر الصغير، واليتيمة، ومروحه الليدي، وندر مير، والملك لير"، كما كان لها أعمال إذاعية أيضًا، إلا أن رصيدها الأكبر في السينما، فشاركت في أفلام "ريا وسكينة، المومياء، وإسلاماه، أفواه وأرانب، الأم، قاهر الظلام"، ورغم ذلك رصيدها الفني لا يتعدى 51 عملًا منها أعمال تلفزيونية أيضًا كـ"سنيل، مذكرات زوج".