بريد الوطن.. الحزن الخامد (قصة قصيرة)
ارشيفية
قلبه لم يعد يحتمل مزيداً من الهموم والأحزان، سئم التظاهر بالثبات من الخارج وبداخله آلام موجعة وقاسية تأبى أن تغادره، وضجيج تفكير يجبره على البكاء لكنه لا يستطيع لشدة ذاكرته التى تذكر كل المواقف بأدق التفاصيل، ولا يستطيع الفرار منها أو تجاوزها، فهى لا تحسن سوى رؤية الجراح التى جعلته ما عاد يتلهف إلى أى شىء، حيث استهلكت طاقته ومشاعره، وجعلته فى حالة انتظار دائمة لا معنى لها كونها أفقدته توازنه وابتسامته والرفقة الطيبة وهيمن عليه الفزع والشك والخيبة والخوف، التى تكالبت عليه وصنعت من هواجسها مئات التشوهات النفسية كونه لا يستطيع التصدى لعاصفة الابتلاءات الشديدة، إنه يعيش حالة من حالات الحزن الخامد الذى أفقده الإحساس به، بل أحاطه بظلام أزلى لا يبدده شىء جعله يعيش ما لا يريد فنال ما لا يستحق.
ها هو يحاول الهروب من حساسيته الزائدة وكتمانه المستمر بالتحكم فى عقله، الذى يبدو وكأنه يعمل ضده، حيث سلبه شكل المرح، فكلما حاول جاهداً التحكم فيه تجده مع أول كلمة لا يرغب فيها أو موقف لا يقبله يهدم بداخله الهدوء والسكينة حتى عندما يخلد إلى النوم، لكنه رفع شعار التحدى تجاه عقله دون هدنة معه لإخماد صرخاته المدفونة وتدمير مخازنه السرية من خيبات أثقلته، حيث إنه يقاوم بجميع ما يملك من أسلحة التصدى لجيوش الهدم بداخله وهزيمتهم، فهو يدرك جيداً أن الحلقة ليست مُفرغة؛ فإما التعايش أو الموت، حيث إنه يواجه انهياراً داخلياً لكن بهدوء.
عصام كرم الطوخى
يتشرف باب «نبض الشارع» باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com