مفتي الجمهورية عن اليوم العالمي لحقوق الإنسان: الإسلام له فلسفته الخاصة
شوقي علام
اصدرت دار الإفتاء المصرية، بياناً حول الإسلام وحقوق الإنسان، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أكد خلاله الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أن الإسلام له فلسفته الخاصة في بناء حقوق الإنسان، التي ارتكزت على المرجعية المتعالية للقيم، فالكرامة الإنسانية محفوظة لكون الله تعالى هو مصدرها وهو الذي أنعم على الإنسان بها، فقال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم} وقال عز من قائل: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} فالله سبحانه وتعالى هو مصدر الحقوق، مما يدفع إلى المحافظة على تلك الحقوق والالتزام المجتمعي بها، لكون انتهاكها يعد انتهاكًا لحق منحه الله تعالى لأحد أفراد المجتمع، بخلاف القيم ذاتها من المنظور الغربي التي تبدو منفصلة عن تلك الالتزامات.
الحقوق والحريات في الإسلام
ووفقا ليان صحفي، قال علام: «الحقوق والحريات في الإسلام حق أصيل ولكن بما لا يؤدي إلى الإضرار بمصالح الغير، وهنا تبرز المفارقة بين حقوق الإنسان في الإسلام وفي الغرب، مضيفًا أنّ المدارس الفكرية والفلسفية الإسلامية التي تناولت القضايا الحقوقية وبشكل خاص قضية الحرية ومرتكزاتها، برهنت أن الثقافة الإسلامية تملك نظريتها الخاصة، وأن المنتج الإسلامي في هذا الصدد عبَّر عن الفكر والمجتمع، ولم يكن مجرد نقل أو استئناس بفلسفة الحرية عند الغرب».
واستكمل مفتي الجمهورية: «البناء الحقوقي في الإسلام -إضافة إلى كونه إلهي المصدر- فإنه بناء مقاصدي، يهدف إلى تحقيق النفع الأكبر للإنسان عن طريق حفظ المقاصد الخمسة، وهي الدين والنفس والعقل والمال والنسل، وإليها تعود كافة الحقوق الإنسانية؛ من الحق في الحياة والعمل والمسكن وحرية الاعتقاد، ونحو ذلك من الحقوق».
وأوضح أن هذا البناء المقاصدي للحقوق كان له انعكاسه على ترشيدها، بما تقتضيه الضوابط الشرعية والمصالح المرعية، وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للأمة عندما أعطى مثالًا بأصحاب السفينة، الذين جلس بعضهم في أسفلها، وبعضهم في طابقها الأعلى، فأراد الذين في الأسفل أن يخرقوا فيها خرقًا ليأخذوا من ماء البحر مباشرة دون الصعود إلى أعلى السفينة، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الفعل، والتذرع بممارستهم لحريتهم الشخصية؛ لكون ذلك الفعل يسبب ضررًا مباشرًا لهم ولغيرهم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم عن المشاركين لهم في السفينة: (فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا).
منظور الحرية بين الاسلام والغرب
وأضاف الدكتور شوقي علام، أنّ القيم التي ارتكزت عليها الحقوق والحريات في الإسلام قيم دينية خالصة، بخلاف الحقوق والحريات في المنظور الغربي، التي ارتكزت على قيم إنسانية خالصة، وهنا تبدو مفارقة لا يمكن تجاوزها بين البناء القِيمي الإسلامي والبناء القيمي الغربي، لأن القيم الدينية هي الراعية للقيم الإنسانية، وفي كنفها نضجت وتشكلت، واعتمد الغرب على القيم الإنسانية في صياغة مبادئ الحقوق والحريات، وما زال يعتمد الآن عليها في التعديل والتطوير المستمر، لافتًا النظر إلى أن الإشكال يكمن في أن تلك القيم الإنسانية لدى الغرب تعتمد كلية على الإنسان كمركز للقيمة والتحرر من المركزية الإلهية مطلقًا، بخلاف البناء القيمي الإسلامي الذي لا يتحرر على الإطلاق من المركزية الإلهية، وبطبيعة الحال، فإن لذلك انعكاساته على النظرية الحقوقية الغربية التي تأتي متحررة من القيود الدينية، ولذلك فإن الحرية الشخصية في النظرية الإسلامية لا يمكن أن تكون إطارًا للانفلات الأخلاقي وممارسة الحق في الشذوذ الجنسي ونحوه من السلوكيات التي ترفضها المنظومة القيمية الدينية.