رحلة عشق «سعدي» للآثار تكتمل بملحمة طريق الكباش: حكاية 100 يوم ترميم
سعدي زكي
عشق الآثار وأدمن رائحة ترابها التي تفوح بأورقتها العتيقة، يتلمسها بحنو الأب مربتا عليها كمن يخشى عليها ذرات التراب، يملأ عينيه من جمالها وصدره من عبيرها كأنها زهور في حديقته الأثيرة، يحزن إذا وجدا خدشا بفعل فاعلا أو من أفعال الدهر، لا يهدأ له بال إلا إذا عالج الأمر وأهاده إلى نصابه.
100 يوم قضاها «سعدي زكي»، مدير عام ترميم أثار ومتاحف مصر العليا، وأحد أبناء مدينة الأقصر، في تطوير طريق الكباش المسؤول عنه، برفقة عدد كبير من المرممين.
47 عامًا، عمره الذي قضى أغلبه في دراسة الآثار دون كلل أو ملل، يسعد بما يقدمه ويسارع الزمن لإنهاء العمل المطلوب منه قبل احتفالية افتتاح طريق الكباش بعد تطويره وهو الحدث الذي ينتظره المصريون والعالم أجمع.
طريق الكباش طوله 2700 متر
في أكتوبر الماضي، قال الدكتور خالد العناني، وزير الأثار، إن مشروع طريق الكباش بالأقصر من أهم المشروعات الأثرية التي تنفذها الدولة، لتحويل المحافظة إلى أكبر متحف مفتوح في العالم، من خلال ربط معابد عديدة مع طريق المواكب الكبرى لمسافة تمتد لنحو 2700 متر.
سعدي زكي يروي لـ«الوطن»، أن مشروع تطوير طريق الكباش بدأ منذ عدة سنوات، لافتا إلى أن بداية عمله مع المشروع كانت قبل 3 أشهر، بعدما قدم آداءًا متميزا في مشروع تطوير صالة الأعمدة الكبرى، وتم اختياره ليتولى مهمة تطوير الطريق والأثار الموجوده وسط فريق من المرممين يتجاوز عددهم 30 فردا.
طريق الكباش هو عبارة عن طريق تاريخي يضم تماثيل «أبو الهول أو الكباش»، بطول 2700 متر، من معبد الأقصر إلى معبد الكرنك، وكان في العصور الفرعونية عدد الكباش في الصفين 1300 كبش ما بين كل كبش وآخر مسافة 4 أمتار، وطول الكبش الواحد حوالي 2.50 متر، المتواجد منها نحو 300 كبش، والباقي تم تدميرها في العصور التي أعقبت العصور الفرعونية.
تعاون عدة مؤسسات في عملية التطوير
مراحل عديدة مرت بها عملية ترميم الكباش، وفقا لـ«زكي»، بدأت بإجراء مسح شامل للكباش عن طريق التصوير والتوثيق لكل قطعة أثرية، ثم إزالة الأتربة وإتمام التنظيف الميكانيكي والكيميائي، ثم عملية التجميع للقطع المتناثرة: «بعدها يتم بناء قاعدة الكبش، وإعادة تجميعه، وتقويته ليصبح في شكل مناسب، فهناك بعض التماثيل في حالة متدهورة، ويحتاج التمثال الواحد منها أسبوعين من العمل المتواصل ليعود إلى شكله المتكامل».
وعن تطوير طريق الكباش، أشار إلى أن أعمال التطوير تتم بتعاون عدة مؤسسات حكومية، من خلال رصف الطريق البالغ طولة 2700 مترا، وتنظيم وضع الإضاءة على الجانبين، وإعادة ترميم القواعد المتهالكة وبنائها من جديد بالاستعانة بالأحجار القديمة واستكمال النواقص بأحجار جديدة، ليكن الشكل متكاملا.
وبشغف ينتظر «سعدي»، موعد افتتاح طريق الكباش، ليرى ثمار جهده هو وزملائه الذين عملوا لأيام طوال متواصلة للوصول إلى تلك اللحظة التي تسير فيها المواكب بالطريق القديم الذي رمموه بأيديهم.