خبراء البيئة: «الإنقلاب الحرارى» والزراعات المخالفة يمنعان من القضاء على السحابة السوداء
لا ينتهى كل عام حتى تصحبه «السحابة السوداء» رغم التصريحات الحكومية التى تواكب موسم حصاد الأرز، بالقضاء على السحابة السوداء والتصدى لها، إلا أن حرق قش الأرز ما زال مستمراً، والقضاء على السحابة السوداء أصبح شبه مستحيل، تارة لأسباب طبيعية، وتارة بسبب زراعات الأرز المخالفة للمساحات التى حددتها وزارة الرى، وصعوبة فرض الغرامة على من يحرقون قش الأرز علانية.. خبراء البيئة أكدوا أنه لا بد من تحديد المساحات التى تزرع أرزاً، لتطابق التقديرات الفعلية للقش تلك المساحات، إضافة إلى التصدى بحسم للمخالفين.
فى البداية، قالت الدكتورة مواهب أبوالعزم، رئيس جهاز شئون البيئة السابق، إنه لا يمكن القضاء على السحابة السوداء بصورة كاملة بسبب الانقلاب الحرارى الذى يحدث فى الطبيعة، خلال موسم حصاد الأرز. وأوضحت لـ«الوطن»، أن الانقلاب الحرارى يساهم فى ارتفاع درجة الحرارة، وحدوث اختناقات تتطور إلى سحابة سوداء، بالتزامن مع حرق قش الأرز فى بعض المحافظات، ولو بنسبة ضئيلة. وأضافت «أبوالعزم» أن أى حرق بسيط فى ظل الانقلاب الحرارى، الذى ترتفع فيه درجة حرارة الأرض كلما ترتفع فى طبقات الجو العليا، مع وجود أى ملوثات بسيطة تعلق فى الجو، يؤدى إلى تفاقم أزمة السحابة السوداء، مشددة على ضرورة تطبيق مخالفة حرق قش الأرز بحزم، التى تقدر بـ2000 جنيه لكل طن يتم حرقه، حتى يتم القضاء على السحابة السوداء، بجانب تطبيق البروتوكولات الموقعة مع وزارة الزراعة، لتدوير القش وتحويله لأسمدة وأعلاف، كما يمكن الاستفادة منه فى عمل تربة زراعية من القش فى الأراضى الصحراوية، بما يساهم فى تجميع أكبر قدر ممكن من القش. وأشارت إلى أهمية الحصر الفعلى للأراضى المزروعة أرزاً، حيث إن الاعتماد على تقارير وزارة الموارد المائية والرى فى تحديد مساحات الأرز، لا يساهم فى التحديد الفعلى لكميات قش الأرز المستهدف تجميعها وتدويرها، نظراً لوجود مساحات كبيرة من الزراعات المخالفة، لافتة إلى أهمية الوصول لحل بخصوص زراعة الأرز المخالف للمساحات المقررة من وزارة الرى لعدة أسباب، أهمها استهلاك الأرز لكميات كبيرة من المياه، انتهاء بحرق القش وتلوث الهواء والسحابة السوداء. وتابعت أن برامج الإنذار المبكر تساعد على التنبؤ بأماكن الحرق وأسباب التلوث، والحد من الأثر الناتج عن الحرق، وليس القضاء عليه نهائياً، مطالبة بمنظومة متكاملة تبدأ من تحديد المساحات المزروعة أرزاً، مروراً بآليات تجميع القش، انتهاءً بفرض غرامة وتطبيقها على من يحرق قش الأرز. فيما قال الدكتور أشرف الغنام، رئيس قطاع الإرشاد الزراعى بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، إن السحابة السوداء هذا العام ستكون أقل حدة وبنسبة ضئيلة عن العام الماضى، موضحاً أن إجمالى ما تم تدويره العام الماضى من قش الأرز بلغ نصف مليون طن، من إجمالى 5.6 مليون طن قش أرز ناتجة عن المساحة المزروعة العام الماضى. وكشف «الغنام» فى تصريحات خاصة لـ«الوطن» عن أن إجمالى ما تم تدويره العام الحالى بلغ 1.6 مليون طن من إجمالى 3 ملايين طن قش أرز متوقع تجميعه من إجمالى المساحة المزروعة، فى حين أن المستهدف 300 ألف طن من خلال بروتوكولين جرى توقيعهما مع وزارة البيئة. وأضاف أن وزارة الزراعة تسعى بالتعاون مع وزارات «البيئة، والبترول، والصناعة والتجارة، والأوقاف» لتحويل قش الأرز إلى وقود، حيث إن القش به نسبة عالية من الكربون الرباعى «c4»، الذى يتم تحويله لـ«إيثانول» عن طريق عمليات التكثيف، لافتاً إلى أن إضافة الإيثانول على «بنزين 80» يعدل من خواصه لتصبح مساوية لخواص بنزين 92، منوهاً أن هذا المشروع سيوفر على الدولة 4.5 مليار جنيه مستهلكة فى دعم البنزين بما يقلل ميزانية دعم المحروقات البالغة 20 مليار جنيه. من جانبه، قال الدكتور جمال الصعيدى، رئيس قطاع الفروع بوزارة البيئة، إن الوزارة وقعت بروتوكولين للتعاون مع وزارة الزراعة لتجميع قش الأرز وتحويله لسماد وأعلاف، فى إطار خطة الوزارة لمواجهة حرق قش الأرز، ومنع تلوث الهواء المتكرر كل موسم زراعى. وأوضح أن البروتوكول الأول يستهدف تجميع 200 ألف طن قش أرز من محافظات «الغربية، والدقهلية، والشرقية والقليوبية»، مشيراً إلى أن الوزارة رصدت 82.5 جنيه لكل طن قش أرز يتم تجميعه. وأضاف «الصعيدى» أن هذا المشروع يستهدف فضلاً عن مواجهة حرق قش الأرز، توفير فرص عمل للشباب، وتؤدى وزارة الزراعة دور الوسيط بين وزارة البيئة والمسئولين عن تجميع قش الأرز. وتابع: البروتوكول الثانى يستهدف المزارع الصغير، الذى تقل مساحة الأرض الزراعية التى يمتلكها عن فدان، عن طريق تحويل 100 ألف طن يتم تجميعها من المزارع الصغير لأسمدة وأعلاف، مؤكداً أن الوزارة ستوفر المادة المساعدة فى إنتاج الأسمدة، المعروفة بـ«EM»، واليوريا، والبلاستيك المستخدم فى تحويل قش الأرز إلى أسمدة وأعلاف.