توابع «أحداث السفارة»: اللى رجع رجع واللى اتسجن اتسجن ومحمد «فص ملح وداب»
صلَّت ونادت ربها أن يفك كربه، هطلت دموعها كالمطر، وتهدج صوتها من كثرة النحيب على غيابه، يومياً لا تجد سوى اللجوء للخالق فى كنف الليل ملجأً لها؛ علَّه يزيح عنها تلك الغُمة التى غرقت فيها قبل أكثر من أسبوعين.
«والله لو خرجت م البيت ما هترجع.. أنا قلبى حاسس» قالتها الأم لولدها الأوسط حين قرر أن يكون ضمن المتظاهرين أمام السفارة الأمريكية تنديداً بالفيلم المسىء للرسول صلى الله عليه وسلم، فما كان من الابن سوى الثبات على قراره، ذهب يوم الجمعة 14 سبتمبر ومن وقتها لم يعُد، وتليفونه ظل مغلقاً دون أثر.
«محمد محمود سلامة سليم (21 عاماً) حاصل على دبلوم صنايع، أوصاف ترددها الأم المكلومة على ولدها فلا تجد رداً شافياً، الأمل يتسرب من بين يديها مع كل مسئول يجيبها «ماعندناش حد بالاسم ده» لم تترك المرأة الخمسينية «شقاً» إلا ونقبت داخله: «دورنا فى كل المستشفيات وكل الأقسام والرد: مش موجود».
ثانى أيام محاكمة المتظاهرين فى الأحداث كانت الأم بين المتهمين تطالع ملامحهم علَّها تجد ابنها فلم تجده، البيت تخيم عليه معالم حزن، الأب يُمالك نفسه فى انتظار فرج ربه والأم تدعى ليلاً ونهاراً والأخت لم تدَع فجاً إلا وسلكته فيما يظل شقيقه «كعب داير»، قبل نحو 10 أيام أخبره أحد الأطباء بمستشفى «قصر العينى» بالبحث فى مشرحة زينهم، وبالفعل ذهب إليها وبحث بين الجثث فلم يجده. الأم لم تركن لكلام المسئولين؛ أبلغت النائب العام وبحثت فى جميع مديريات الأمن، أخبرها أحد قيادات الشرطة «ابنك مش مقبوض عليه» لم يسعدها الخبر فراودها وسواس «يعنى مات؟»، تحاول الأم ومعها عائلتها الوصول للشاب المفقود ولا مجيب، لا تحلُم إلا برؤية ولدها كى يطمئن قلبها المنفطر، داعية الله أن يكون على قيد الحياة.