عشق مهنته ومنها يشعر بنفحات رمضان، لمدة نصف قرنٍ من الزمان، كان يجهز خلالها الإفطار للصائمين على موائد الرحمن، وهى المهنة التى كان يجد فيها روائح الشهر الكريم، وحرم منها للعام الثانى على التوالى فى ظل منع موائد الرحمن بسبب «كورونا».
ما بين أدوات الطهى فى الخيام، استعداداً لإفطار الصائمين على الموائد، يجد عمر توفيق، الطباخ البالغ من العمر ستين عاماً، ابن محافظة المنوفية، سعادته وشغفه، فتلك هى المهنة التى اشتغل بها قرابة الخمسين عاماً، ورثها عن والده وجده، وتعلمها منه أبناؤه وأحفاده، وتحرمه جائحة «كورونا» من لذتها حالياً.
فى سن 12 عاماً، كانت بداية «توفيق»، مع تلك المهنة، فيصطحبه والده لمساعدته فى عملية إعداد الوجبات للصائمين: «كانت الناس بتيجى تتفق مع أبويا قبل رمضان بشهر، علشان نتولى مسئولية المائدة طول رمضان»، وفى إحدى الخيام القريبة من الطاولة، كان موجوداً برفقة والده يعاونه بمناولته ما يطلبه ويحتاجه.
تولى الرجل الستينى، مهمة تحضير أطعمة الموائد بمفرده منذ أن توفى والده، يقوم بما كان يفعل، سواء فى عملية الطبخ أو التحضير: «كل حاجة اتعلمتها من والدى، وباطبق اللى اتعلمته منه، ودلوقتى باعلم أولادى». كميات كبيرة طبخها «توفيق» فى موائد رمضان، ففى الشهر الواحد يتولى تحضير ما يقرب من 600 دجاجة وأكثر من 300 كيلو أرز يومياً، بجانب ما يلزم الإفطار. منذ تفشى جائحة «كورونا»، قررت وزارة الصحة إلغاء الموائد فى رمضان الماضى والمقبل، ليفقد معها «توفيق» فرحة الشهر الكريم: «كنت بافرح بلمة الناس حول الأكل فى الموائد، وأنا بالف وسطهم وهما بياكلوا أشوفهم مبسوطين بالأكل، وأسمع دعواتهم ليا».
المشاعر نفسها يعيشها محمد محمود، الذى اعتاد إعداد الطعام فى موائد رمضان لسنوات طويلة، وحرمته جائحة «كورونا» من لذتها: «رغم التعب والعمل المتواصل، كان للشهر طعم وروح نفتقدها الآن، وأحاول التحايل على الوضع ومساعدة المحتاجين بعمل وجبات فى مطبخ خيرى، وتوزيعها على الأسر والفقراء.
تعليقات الفيسبوك