«الأزهري»: «طلق بن علي وعمار بن ياسر» أبرز صحابيين عملا في مجال البناء
الأزهري: «طلق» أسهم في بناء المسجد النبوي و«عمار» أول بناء في الإسلام
الشيخ أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية
قال الشيخ أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، إن العقل المسلم يستلهم القرآن الكريم في البناء والتعمير، وكان أول جيل يقوم بذلك هو الجيل الذي عايش نزول الوحي وتربي على أنوار النبوة، وأبرز من ظهرت عنده صنعة البناء بذوق وإتقان ومحبة ومهارة كان الصحابيان طلق بن علي وعمار بن ياسر.
وأضاف «الأزهري»، خلال استضافته ببرنامج «رجال حول الرسول»، الذي يقدمه الإعلامي أحمد الدريني، المذاع على فضائية «DMC»، أن المسجد النبوي بُني 3 مرات، الأولى فور وصول النبي صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة المنورة، ثم مرة أخرى في عام 7 هجريا، ومرة ثالثة، أي أنه حصلت توسعة وتطوير وتجميل وتغيير لنمط البناء والمعمار 3 مرات في العهد النبوي.
وتابع بأن كتب شروح الأحاديث احتوت على وصف لطريقة رص الطوب في كل مرة، فمرة يبنى الحائط بطوبة ونصف طوبة، ومرة يبنى الحائط بصورة كان يعبر عنها قديما ببناء ذكر وأنثى أي طوبة بالطول وطوبة بالعرض، وفي كل مرة من المرات كان يبرز ملمحا جديدا في البناء والتشييد، مما يدل على أن عقول أولئك الكرام النجباء الموجودين في العهد النبوي كانت حافلة بتجديد الخبرات واكتساب المواهب وبالتفكير، وكلما أسلمت قبائل عندها شيء من الخبرة يجود ويلقح به الأعراف وآداب المهنة التي كان يمارسها المسلمون.
وأوضح أن الصحابي الجليل طلق بن علي، حضر بناء المسجد، وحضر عمار بن ياسر، بناء المسجد النبوي، فسجل «طلق» مشهدا عجيبا وقال إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وهم يبنون فكأنه –عليه الصلاة والسلام- لم يعجبه عملهم: «كان طلقا مترددًا حول ما إذا كان يجب أن يتحدث ويعرب عن مهارته ويدلي بدلوه، فقد بلغت مهارته في البناء مبلغا جعلته يرى مدى رضاء النبي عما كان يفعله الصحابة».
وواصل: «قال طلق إنه أخذ المسحاة وبدأ يجري المسحاة في الطين اللبن الذي كان يبنى به المسجد، فأعجبه صلى الله عليه وسلم أخذه للمسحاة فقال النبي قربوا اليماني من الطين فإنه أضبطكم له، أي أنه كان صاحب أكبر قدر من ضبط النسب في مواد البناء وخبير بمزج هذه النسب وقوامها ومقادير وضعها على صفوف الأحجار».
وأشار «الأزهري» إلى أن «طلق» حدث بهذا مرارا ونقل الإشادة النبوية به بألفاظ متعددة، وكأن الإشادة النبوية تكررت وبالتالي كأنه -عليه الصلاة والسلام- يشيد بطلق كلما رآه ليسجل بين يدي الصحابة ضرورة الاهتمام بصنعة البناء، لافتًا إلى أن أبناء سيدنا طلق، توارثوا هذا الشرف، وبعض رواة الحديث قالوا إنهم كانوا يحدثون أنه قال أضبطكم للطين، وهذا يعني أنهم كانوا يتباهون أن أباهم الكريم حظي بهذه المنحة النبوية.
وأردف أن الإمام أحمد بن حنبل، روى في «المسند» أن النبي ذكر أن من سعادة المرء المسكن الواسع والجار الحسن، كما رُوي عن النبي أنه قال أربع من السعادة وأربع من الشقاء، فذكر من الأربع التي من السعادة المسكن الواسع ومن أوجه الشقاء المسكن الضيق: «العلامة عبدالملك العصامي ذكر أن مدارس العلم في بغداد كانت تتصف بـ6 صفات، فكان يضرب بها المثل في ارتفاع العماد وحسن المهاد ولطف الهواء وعزوبة الماء وسعة الطعام والشراب وحسن رفاهية الطلاب».
وأوضح «الأزهري» أن عمار بن ياسر، كان ماهرا في بناء المسجد، وكان يحمل لبنتين لبنتين، بالرغم من أن الصحابي الواحد كان يحمل لبنة لبنة، وكان يذكر أنه مع كثرة الحمل ومهارة البناء وسرعة رص الأحجار في المبنى ووضع المونة التي تتماسك بها الأحجار، قام النبي ينفض الغبار ويقول ويح عمار تقتله الفئة الباغية ولوحظ بعض الصحابة كأنما أخذتهم الغيرة من مهارة عمار في البناء فكان النبي يقول لا تؤذوني في عمار، ووصفه مؤرخون كثر بأنه أول بناء في الإسلام.