من الانقسام للاختلاس.. دراسة تكشف أزمات وفضائح قيادات الجماعة الإرهابية
جماعة الإخوان الإرهابية
كشفت دراسة لمركز الإنذار المبكر للدراسات الاستراتيجية، أنه منذ عام 2013، دخل تنظيم الإخوان المسلمين في سلسة من الأزمات متعددة المستويات، قانونية، تنظيمية، فكرية، سياسية، على المستوى المحلي والأقليمي والدولي، حيث ساهمت هذه الأزمات في إحداث عملية انكشاف لبنية التنظيم؛ ليظل السؤال عن حقيقة أوضاع التّنظيم من الداخل وفاعليته خاصة في ظل الانقسام الهيكلي الذي يُعانيه منذ 2013، وتداعيات ذلك على أوضاع قواعده.
كيف يبدو الهيكل التنظيمي للإخوان المسلمين منذ عام 2013؟
أوضحت الدراسة، أنه منذ عزل محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013 كانت بداية ملامح مرحلة الصدمة الأولى للتنظيم، والتي دفعت نحو انقسام داخلي أنتج جبهتين مُستقلتين، فكان التفكير في خطط لمُواجهة الحدث عبر قيام التنظيم بالدفع بالحُشود إلى الشّارع من أجل الضّغط السّياسي على قِيادة المَشهد قَيد التّشكل.
وأشارت إلى نقاط الضّغط التي تركزت على مَيداني رابعة العدوية والنهضة حيث يتزايد أعداد المعتصمين؛ فدار تفكير قيادة الجماعة حينئذ حول أمرين متداخلين؛ الأول متعلق بسبل الحفاظ على التنظيم في حال قيام الأمن بفض الاعتصام؛ ليكون قرار «مجلس شورى الجماعة» بإنشاء لجنة لـ«إدارة اﻷزمة»، والثاني يتعلق بالمسار الأمثل فيما وصفوه بمُقاومة المشهد السياسي الجديد: «السّلمية» أم «العُنف»؟.
وأضافت الدراسة، أن في ظل غَضب القواعد من إدارة القيادات القديمة للصراع، بدأت صور التمييز تَظهر بسبب الاختلاف حول طريقة الإدارة وسُبل الرد، وكمحاولة لاحتواء ذلك الغضب أُجريت انتخابات داخلية في فبراير 2014 خلصت إلى:
- الإبقاء على مرشد الجماعة حينها الذي دخل السجن.
- تعيين قائم بالأعمال وأمين عام ومتحدث رسمي جديدين.
- إنشاء لجنة لإدارة الأزمة ومكتب فني إداري لإدارة شؤون الإخوان المسلمين المصريين في الخارج.
- إقرار«العمل النّوعي من مجلس شُورى الإخوان عام 2014 وتشكيل ما وصف بلجنة شرعيّة لضبطه، وهو ما أقره أعضاء مكتب الإرشاد الموجودين في مصر حينئذ، ومنهم محمود عزت والذي تراجع بعد ذلك عن موقفه بعد القبض على أعضاء مكتب الإرشاد وإقصاء محمد كمال رئيس اللجنة العليا لإدارة الداخل المستقيل من قيادة اللجنة الأولى».
ما هي ملامح الصراع داخل تنظيم الإخوان المسلمين خلال عام 2015؟
وتابعت الدراسة، أن مع مُحاولة تَسيير التنظيم كانت الخلافات الدّاخلية، بين دوائر القيادة العُليا بالتنظيم تتراكم ويتزايد وتيرتها في الخفاء قبل أن يخرج الصراع إلى العلن مُنذ مارس 2015 حول من يقود التّنظيم؟ وأي مسار مُقاوم هو الأمثل للجماعة؟ ليترجم ذلك إلى وجود فريقين.
الأول: هو تيار محمد كمال والذي تولى اللجنة الإدارية الأولى واستقال منها، ثم أُبعد من اللجنة الثانية، وتولى هندسة العمل النوعي بالجماعة في ظل تنامي دوافع ممارسة العنف، ليُعرف هذا التّيار لاحقًا باسم «المكتب العام».
الفريق الثاني: لجنة لإدارة شؤون الإخوان المسلمين المصريين في الخارج ويقودها محمد عبدالرحمن المدعوم من محمود عزت، ويمثل الجيل القديم ويدعي التمسك بالسلمية.
وكمحاولة للإصلاح وتجاوز ذلك الانقسام تم طرح فكرة إجراء انتخابات لتستمر الخلافات بسبب الكيفية التي ستتم بها، حيث رأى التيار الأول أن تكون شاملة، وأراد التيار الثاني أن تكون تكميلية.
ومع إصرار كل طرف على رأيه يُصبح هناك عمليّا كيانين تنظيميين مُتوازيين، لكل منهما قيادةً وموقعًا إليكترونيّا ومُتحدثًا رسميًّا باسمه حيث «لا أحد يملُك أن يُقيل أحد من الطرف الآخر».
ما هي أوضاع تنظيم الإخوان في الداخل والخارج على مستوى الأفراد؟
واستكملت الدراسة، أنه على الجانب المقابل لصراع القيادة كان الصراع يمتد بالتبعية إلى القواعد والتي انقسمت بين الجبهتين، وسعت القيادة التاريخية إلى التّمييز المالي تجاه أنصار المكتب العام كأداة ضغط لإعادتهم إلى طاعتهم، لكنها عمليا لم تستطع ضبط مسار التمويل الداخلي.
ومع طول الصراع واستراتيجيات الأمن المصري في اختراق شبكات الشباب النشط وتفكيك خلايا العنف، انتقل الثّقل التّنظيمي لغالب القواعد في الوقت الراهن لصالح المكتب القديم، في ظل عدم قدرة المكتب العام -جبهة محمد كمال- على حسم الصراع مع الدولة المصرية.
أما إخوان الخارج فتختلف النظرة نسبيا إلى أوضاعهم، حيث يعيشون وفق تراتبيات «طبقية» أنتجت اختلاف الأوضاع المعيشية من فرد لآخر، حيث تتناسب مُستويات الدعم المقدمة للأفراد طرديًّا مع عِدّة مُحددات أبرزها: «مدى قربهم من القيادة أو من الدوائر المقربة لهذه القيادة، وهذا خلق شلل أو لوبيات داخلية حول بعض مراكز الثقل ما حال دون توافر دعم مماثل لكثيرين من خارج تلك الشلة».
كيف يختلس الإخوان المسلمين أموال بعضهم البعض؟
أوضحت الدراسة، أنه على الرغم من طول عمر التنظيم وتعدد مصادر تمويله ما بين الاشتراكات الشهرية، الهبات والتبرعات، عوائد استثمار أمواله، إلا أن السّياقات السياسية لوجود التنظيم في مختلف الدول ساهمت في غياب الرؤية الاستراتيجية تجاه تنظيم أموال الجماعة والرقابة عليها والسبل الأمثل لاستثمارها.
لذا كان ولا يزال استثمار أموال الجماعة في مجالات استهلاكية سريعة الدوران، والتي تتم بالدرجة الأولى وفقًا لشبكة علاقاتهم الشخصية، وبناء على ذلك تكون الشراكات مع شبكات متعددة المستويات من رجال الأعمال من المقربين للجماعة، وهذا أدى إلى أن كل مشروعات التنظيم في الداخل والخارج بأسماء أفراد يُوكل لهم الأمر دون رقابة حقيقية من التنظيم، والتي تكتفي بثقة القيادات فيهم وسيرتهم الشخصية الطيبة وضميرهم، وهذا ما يُعرضها للكثير من الاختلاسات وضياع أموال عبر عقود، ولم يتغير شيء فيما يتعلق بالرقابة على هذه الأموال إلى الوقت الراهن.
واختتمت الدراسة، أننا أمام حالة استقر فيها العنف كأحد أهم الأدوات التي أقرها التنظيم لإدارة أزمته وتحقيق بعض المكاسب، كما أنه بات جليا أن انقسام التنظيم إلى تيارين إنما يتجاوز الخلافات الفكرية بما تعنيه كلمة فكر نحو خلافات على أي مستوى من مستويات العنف يتم اللجوء له، وخلافات حول المصالح الشخصية، سواء على مستوى المناصب أو تحصيل مكاسب مالية، فضلا عن تفشي مبدأ «الشللية» داخل التنظيم.