كتاتيب «حصة شبشير» تعليم وتربية وحفظ.. قرية طنطاوية تعيش في رحاب القرآن
«عبدالفتاح»: النظام القديم للكُتّاب الأفضل ونهتم بالغة العربية أيضا
كُتّاب القرية بصورته القديمة في قرية حصة شبشير
منطقة ذات طابع روحاني، طمأنينة الشعائر الدينية تنتشر في الأجواء الخاصة بها، ويستشعر من يسير في أحد شوارعها الضيقة غير الممهدة، تطرب الآذان بحناجر الصغار يرددون آيات كتاب الله، صوت التراتيل يزداد ارتفاعا بالاقتراب أكثر، حتى يصبح واضحا جليا أمام أحد المنازل، الذي كغيره من البيوت في ذلك الحي حوائطه الخارجية يكسوها الطوب الأحمر، بابه ضيق كأنه مخصص لمرور الأطفال، به شرفة تتسلل منها أًصوات الأطفال المرردة للقرآن، يجلسون على الأرض متراصين بجانب بعضهم البعض، يرددون الآيات خلف شيخهم، يجلس أمامهم على متكئٍ عالٍ، مرتديًا الزي الأزهري المتعارف عليه.. هنا «كُتّاب» الشيخ عبدالفتاح زرد، بقرية حصة شبشير في بمحافظة الغربية.
عبدالفتاح افتتح الكُتّاب الخاصة به بعد إنهاء دراسته الأزهرية
«حصة شبشير» تلك القرية والوقعة في الكيلو 6 على طريق طنطا المحلة الكبرى، تعتمد كليا على مفهوم «الكتاتيب»، بصورتها القديمة، حيث ما زال يطلق على أماكن تحفيظ القرآن «كُتّاب الشيخ»، طريقة الحفظ ذاتها تعتمد على الترديد، مهمة «الكُتّاب»، لا تقتصر فقط على القرآن بل تهتم أيضا بتعليم اللغة العربية الصحيحة بحيث يكون لدى الطفل حصيلة مفردات لغة كبيرة، حتى في طبيعة الجلوس في الغرفة هي ذاتها التي كانت في القدم، الأطفال جالسين على الأرض والشيخ متواجد بينهم.
قبل ما يقرب من 7 سنوات كانت بداية «عبدالفتاح»، مع تحفيظ القرآن بعدما أنهى دراسته الأزهرية، حيث خصص غرفة في منزل أسرته لتعليم حفظ القرآن واللغة العربية، واتبع فيها الطريقة نفسها التي كان يتم استخدمها في تحفيظ أيات كتاب الله، وهي الترديد المستمر، والاهتمام بأحكام التلاوة، واللغة العربية الصحيحة، «كل القرية اتعلمت بالطريقة دي، وفعلا أثبتت نجاح، كلنا خرجنا حافظين للقرآن واللغة العربية بتعتنا قوية، وعشان كدة متعبناش في المراحل التعليمية».
القرية بأكملها تعتمد على نظام «الكتاتيب».. ومتوسط سن حفظ القرآن كاملا 10 أعوام
تلك الأسباب كانت سببا في حفاظ أهالي قرية «حصة شبشير» والبالغ عدد سكنها حوالي 10 آلاف نسمة وفقا لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء عام 2006، حيث ظلت تلك الصورة تتوارث من جيل لآخر، رغم أن تأثيرها لم يعد كالسابق، «قوة الكُتّاب مبقتش زي زمان، لوجود المدارس، اللي هي طبعا مهمة، بس زمان كان الاهتمام بتوججيهات شيخ الكُتّاب بتتنفذ من الأسرة عشان الأبن يحفظ القرآ»، إما الآن فهناك بعض الأسر التي لا تهتم بما يقوله الشيخ، ويكون إرسال الابن لمحاولة حفظ القرآن فقط.
القدرة على حفظ القرآن داخل الـ«كتاتيب»، تتباين من طفل لآخر، فالطفل الذي يمتلك موهبة الحفظ من الممكن أن يحفظ القرآن كاملا وهو في سن الـ7 أعوام، وآخرين ربما يتمكنون من إنهاء حفظ كتاب الله في سن الـ12، لكن المتوسط في «كتاتيب» القرية بأكملها هو أن يتم الطفل حفظ القرآن حين يبلغ من العمر 10 سنوات، «الحمد لله أكثر من 90% من سكان القرية حافظين للقرآن، وده عشان مستمرين على نظام الكتاب القديم، واللي عكس النظام الحديث اللي مش بيلزم الطفل طوال ما هو موجود أنه يحفظ ويتقدم».