والد ضحية «لقمة العيش» يعاتب محافظ الدقهلية: «شجرتك قتلته ولم تعزيني»
شهيد لقمة العيش ونجلته
«أرجوكي ذاكري وانجحي عشان متحتاجيش لحد بعد ما أموت».. بهذه الكلمات ودع محمد أشرف عبدالوهاب، 30 عامًا، زوجته الطالبة بكلية الآداب جامعة المنصورة، قبل أن يستأذن والدته، ويقبل رأسها، متجهًا إلى عمله كالمعتاد لكن هذه المرة بلا عودة، لوفاته إثر سقوط شجرة من استراحة محافظ الدقهلية، خلال موجة الطقس التي شهدتها عدد من المحافظات أمس الأول.
الوداع الأخير
الشاب الثلاثيني الذي استشعر وفاته -وفق أسرته- قبل رأس زوجته ووالدته ورضيعته، ثم نظر إلى جدران منزله في صمت وهدوء، نظرات لم تُفسر إلا بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة، ثم قال لزوجته وصيته التي ذكرت سلفًا، لترد الأم والزوجة في آن: «ربنا يخليك لينا وليها وتربيها وتجوزها»، ليرد الشاب «كله على الله.. سلام عليكم» لينطلق إلى عمله.
نبأ صادم
لم تتخيل الأسرة البسيطة، أن هذا هو الوداع الأخير، ولم يشعر والده الخمسيني الذي يعمل موظفًا بإحدى المجالس المحلية بالمحافظة هذا الأمر، حتى تلقى اتصالًا هاتفيًا من شخص مجهول يقول له: «ابنك مات والجثمان رايح على المستشفى دلوقتي»، لم يتحمل الأب المسن نبأ وفاته نجله، ليسقط أرضًا حتى اصطحبه عدد من زملائه، متجهين إلى المستشفى الجامعي بالمنصورة، لكن الأطباء أبلغوهم بأنهم لم يتلقوا جثامين حتى هذه اللحظة.
عودة الروح
يقول الأب لـ«الوطن»: شعرت أن روحي عادت إليّ، وظننت لدقائق معدودة أن الخبر كاذب، حتى اتصلت برقم الهاتف الذي أبلغني الخبر، مبديا أمنيات داخلية أن يكون كاذبًا، لكنه قال لي الجثمان متجه إليك الآن لمستشفى المنصورة الدولي، ليتجه الأب إلى هناك، مع وصول جثمان نجله داخل سيارة الإسعاف.
شجرة قاتلة
يتابع الأب المسن: «احتضنت نجلي باكيًا، وسقطت والدته أرضًا، وأبلغني المسعفين أن شجرة الكارفور الموجودة في استراحة المحافظ سقطت على نجلي أثناء مروره بالدراجة النارية، ليسقط ضحية في الحال»، قائلًا: «أنا موظف بمجلس المدينة وهذه الشجرة عمرها أكثر من 20 عامًا، شجرة متهالكة، جذورها متآكلة فلماذا لم تزال؟ هي شجرة قاتلة».
يصمت الأب قليلًا ويعاود حديثه: «ظللت لأكثر من 10 ساعات داخل المستشفى في انتظار خروج جثمان نجلي، وإنهاء إجراءات الدفن، في الوقت الذي كان يقلم موظفين زملائي بمجلس المدينة أشجار استراحة المحافظ، وكأن شيئا لم يكن».
المحافظ لم يعزيني
واستكمل الرجل: «المحافظ لم يعزيني حتى هذه اللحظة، ولم يهاتفني، لكنه أصدر قرارًا بصرف معاش تكافل كرامة للأسرة، وهو مبلغ قدره 500 جنيها، لا يعول أسرة مكونة من أم طالبة جامعية، وطفلة لم تستكمل 3 سنوات، مطالبًا بإعطاء أرملة نجله معاش مدى الحياة يمكنها من العيش».
والدته تمكث بالمقابر
وعن الحالة الصحية لأم الشاب الراحل، أكد والد شهيد الشهامة «هي الآن في المقابر، تجلس أمامه وتروي له تفاصيل تطفيء النار المشتعلة في قلبها، فهي لم تتوقف عن الدعاء».