أعفتها المحكمة من «النوبتجيات».. ممرضة: «القضاء أنصفني في يوم المرأة»
محبات:« شاركت في الحجر الصحي رغم إعفائي لأنه واجب وطني»
ميس محبات، الممرضة زوجة الكفيف وزوجها
10 أعوام هي المدة التي أقامت فيها «محبات سعد الشاذلي»، مشرفة تمريض بمستشفى بلطيم النموذجي، دعوى قضائية لإعفائها من« النوبتجيات الليلية»، ضد وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، في محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ، برئاسة الدكتور المستشار محمد عبد الوهاب خفاجي، آنذاك، حُكم فيها في 28 يناير 2014 بأحقيتها في الإعفاء لرعاية زوجها« الكفيف»، وأطفالها الثلاثة.
مديرية الصحة بمحافظة كفر الشيخ، وهي جهة العمل التي تخضع لها الممرضة، إستأنفت على الحكم مرات عدة، حتى أصدرت الإدارية العليا حكماً تاريخياً وإنسانياً لها أمس بتأيد حكم محكمة القضاء الإداري في أحقيتها بإعفائها من النوبتجيات الليلية.
الممرضة زوجة الكفيف:« خضت معركة بيني وبين مديرية الصحة لمدة 10 سنوات»
لم يكن حكم الإدارية العليا حكماً عادياً بالنسبة لـ« ميس محبات»، الممرضة زوجة الكفيف، إنما جاء تقديراً لمسيرة كفاحها ومحاولة إحداث توازن بين واجباتها الوظيفية والأسرية، فضلاً عن صدوره في اليوم العالمي للمرأة ما كان له وقعاً طيباً في نفسها وأسرتها:« القضاء الشامخ كرمني بحكمه في يوم المرأة العالمي، كنت مبسوطة جداً لما عرفت أن المحكمة أنصفتني لكن السعادة انه في اليوم العالمي للمرأة وسعدت بكلمات المحكمة الإدارية العليا»، هكذا وصفت مرفة التمريض شعورها لـ« الوطن».
« تزوجت منذ 15 عاماً، من زوجي الكفيف الشيخ هاني مغازي، وأنجبت 3 أطفال فتيات أكبرهم في الصف الثالث الإعدادي وأصغرهم في الثالث الإبتدائي، وكنت بروح شغلي لكن طلبت منهم أروح شغل النهار ومخدش نوبتجيات ليلية لاحتياج زوجي لي، وأخدت إعفاء من وكيل وزارة الصحة حينها، لكن وكيل الوزارة التي جاءت بعده ألغت الإعفاء وألزمتني بالسهر وحضور النوبتجيات الليليلة»، بهذه العبارات تحكي مشرفة التمريض بداية قصتها.
تقول « ميس محبات»: « لجأت لكل الجهات الإدارية التي أتبعها آملاً في الحصول على إعفاء لرعاية زوجي، وخاصة بعد إنجابي ابنتي الأولى سلمي، وحصلت على إعفاء من المحافظ حينها، لكن وكيل الوزارة لم تنفذ، ولجأت لمحكمة القضاء بكفر الشيخ، في عام 2011 لتحكم المحكمة بأحقيتي في الإعفاء من النوبتجيات الليلية في عام 2014، لكن المديرية استئنأفت وأخذنا سنوات في المحاكم حتى صدر الحكم الإنساني من الإدارية العليا بتأييد موقفي».
أضافت،« القضاء كان عادل وأنصفني، والمستشار محمد خفاجي، لن أوفيه حقه، هو صاحب حكم إعفائي من النوبتجيات، وحينها شعرت أنني لي حقوق كزوجة كفيف، وزوجة الكفيف يجب ان تأخذ حقوقها للتوفيق بين واجباتها الأسرية والعملية، ونحن لا نتمتع بأي بنود إعفاءات في القانون، على الرغم من حقوقنا الدستورية».
الممرضة زوجة الكفيف:« كنت بطبخ أكل يكفي أسرتي 14 يوم وانا في الحجر الصحي»
على الرغم من حصول الممرضة زوجة الكفيف، على حكم قضائي بأحقيتها في الإعفاء من النوبتجيات الليلية، إلا أنها لم تتخل عن واجبها الوطني في أزمة فيروس كورونا، ولم تتردد لحظة واحدة في أداء واجبها نحو بلدها وأهلها، وكانت من أوائل المتطوعين في الحجر الصحي بأول مستشفى عزل في المحافظة،« مقدرتش اتخلى عن واجبي الوطني، لما جيت قولت لجوزي الكفيف، أني عاوزة أشارك في الملحمة البطولية دي، شجعني قالي كلمة واحدة بس ، دا واجب وطني وإحنا منقدرش نتأخر، وعلى الرغم من أني معايا إعفاء لكن مقدرتش مكملش»، هكذا تحكي.
توضح مشرفة التمريض،« مع تزايد الإصابات، بدأت أجلس لمدة 14 يوماً في الحجر الصحي، وأيام في عزل منزلي بعيد عن ولادي لكن مكملة لحد دلوقتي، كنت بحاول متخلاش عن أي واجب من واجباتي، سواء في الشغل أو البيت، فكنت بضطر لطبح الأكل يكفي لـ14 يوم هي مدة الحجر الصحي، وكنت بعتمد على سلمي بنتي في تسخين الأكل وتجهيزه لوالدها وشقيقاتها، قولت مينفعش أسيب البلد في عز احتياجها لينا، أنا جندي من جنود الجيش الأبيض، زي جنود الجيش والشرطة، مينفعش يهربوا في وسط المعركة».
« واجهنا صعوبات كبيرة في بداية الحجر الصحي، وخاصة من الناس اللي كانوا مش عاوزين يتعاملوا معانا من الخوف، لكن قدرنا نتخطى ده، وأصعب مواقف عدت عليا لما كان زميلاتي الممرضات بيتصابوا أمام عيني، ولسة مكملين واجباتنا، وبشكر القضاء مرة تانية على إنصافي وبشكر عائلتي على تحملهم غيابي»، هكذا تقول الممرضة زوجة الكفيف.
الزوج الكفيف:« القضاء أنصفنا والحكم هدية لكل مرأة مصرية مكافحة»
وأكد هاني مغازي، زوج الممرضة الكفيف، على سعادته بحكم القضاء النهائي، « كنا الأول بنتبهدل، أكيد كنت محتاج زوجتي ترعاني، وبعد ماطرقنا كافة الطرق دون استجابة، فلجأنا للقضاء الإداري، الذي أنصفنا، ولا يسعني إلا أن أوجه الشكر لكافة قضاة مصر والقضاء العادل، وعانينا كتير جداً لأن الجهة الإدارية طعنت على الحكم، والصدفة البحتة هي من عرفتنا أنها طعنت على الحكم، لكن القدر كان رحيم بينا، ولم أتردد لحطة في مشاركتها في الحجر الصحي، كنت بقولها أن دا جهاد في سبيل الله، ومينفعش تهربي من المعركة القاسية، وكنت بعالجها نفسياً لما بترجع بعد مدة الحجر الصحي».
أوضح،« أن القضاء هو حصن العدالة، وحامي مصالح الشعب، والحكم أسعدنا في اليوم العالمي للمرأة ونقدمه هدية لكل سيدة تكافح وتجتهد وقررت انها تصحح فكر المجتمع، وشكراً للرئيس عبد الفتاح السيسي اللي علمنا نزرع الأمل في الناس».
المحكمة:« المرأة كوكب درى وحقها رعاية زوجها»
وأصدرت المحكمة الإدارية العليا حكما نهائيا ينصف ممرضة ويعفيها من النوبتجيات، وهو ما يسمح لها برعاية زوجها الكفيف.
وحصلت السيدة «محبات سعد الشاذلي»، صباح امس 8 مارس 2021، على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا بعدم وجود طعن على الحكم التاريخى الصادر من محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ في الدعوى رقم 6216 لسنة 11 قضائية بجلسة 28 يناير 2014 برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بإلغاء قرار وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ فيما تضمنه من رفض طلب السيدة (م.س.م) الممرضة بمستشفى بلطيم المركزي بإعفائها فقط من السهر فى الليل بالمستشفى من أجل رعاية زوجها الكفيف بالمنزل والذى يعمل خطيبا وإمام مسجد ببلطيم وألزمت وكيل وزارة الصحة بعد تكليفها بالسهر بالمستشفى.
يأتى انتصار السيدة المصرية اليوم فى الوقت الذى يحتفل فيه العالم ومصر فى قلبه النابض باليوم العالمي للمرأة منذ أن أقر هذا اليوم كمناسبة عالمية بعد انعقاد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي فى 7 مارس 1945، مؤكدا القضاء المصرى على حق المرأة الدستورى بكفالة التوازن والتوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل باعتبار المرأة مصباح الحضارة المصرية في النضال والتضحية واصفة المرأة بالكوكب الدرى الذى يستنير به الرجل.