تصاعد بسرعة الحديث عن حقوق الإنسان، ووجدنا معالجات متناقضة فى كل وسائل الإعلام للقضايا الحقوقية الإنسانية، وأصبحنا أمام خليط من الجهل والاجتزاء والتهريج والأحكام السطحية فى تناول قضايا حقوق الإنسان.. وأخذ التبجُّح مداه فى القنوات الفضائية المعادية، وأصبحت حقوق الإنسان هى الدفاع عن الإرهابيين والقتلة!!! وراح البعض من الباحثين عن شهرة وموقع يحذّر من القادم الذى يُهدّد استقلال الدولة!!! وعادت قصص التمويل الأجنبى القذر لتتناقلها الأقلام والشاشات!!!
ولا أرى فى هذا التناول الإعلامى شيئاً من حقوق الإنسان التى درستها علمياً حتى درجة الدكتوراه، ومارستها عملياً فى المحافل المحلية والعربية والأفريقية والدولية طوال 37 عاماً مضت!! بل إن غالبية هذه السلوكيات الإعلامية تجرّمها حقوق الإنسان والقوانين الدولية والمحلية.
حقوق الإنسان يا سادة علم قديم ارتبط بظهور الإنسان والمجتمعات البشرية على الأرض، وله لغة عالمية خاصة يفهمها كل البشر باختلاف ألسنتهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية.. وعلم حقوق الإنسان له وثائق وقواعد راسخة تقوم على استقلال وحرية الفرد والدولة.. وتتجسّد الحقوق الإنسانية فى مواد قانونية واتفاقيات دولية ومؤسسات مرجعية وتراث قانونى وحضارى متنوع.. والالتزام بالحقوق له جوائز مادية ومعنوية، وعدم الالتزام له محاكم وعقوبات على المخالفين للحقوق الإنسانية.
إن حقوق الإنسان نسق عالمى منظم يهدف إلى إحلال السلام والاستقرار فى كل دول العالم.. وهى ليست منابر زاعقة بكلام فارغ، ولا هى فزاعة يرفعها الجهلة والمرتزقة والإرهابيون، ولا يحق لأحد أن يستخدمها فى التدخّل بالشئون الداخلية للدول دون موافقة من سلطات وشعب الدولة، ولا هى وسيلة للتمويل الأجنبى القذر الذى يحول القيمة الراقية لحقوق الإنسان إلى أداة للتكسّب المجرَّم فى كل القوانين الدولية.. وحقوق الإنسان ليست نشاطاً سياسياً، ولا يحق للنّشطاء فيها السعى للسلطة، ولا يجوز أن تُستخدم فى الصراعات السياسية بأىٍّ من الأشكال.
إنّ الإدارة الأمريكية الديمقراطية الجديدة تهتم بحقوق الإنسان، ولا يصح أن يتصدّر المشهد المصرى من لا يعرفون هذا العلم وتلك اللغة والآليات والأولويات، خاصة أن مصر من أوائل دول العالم التى شاركت فى صياغة مواثيق ومنظومة حقوق الإنسان وخرج منها عشرات الخبراء الحقوقيين الدوليين الذين شاركوا فى إنجاح وتطور المنظومة الحقوقية الإنسانية فى غالبية دول العالم.