9 سنوات على رحيل الفيلسوف الساخر
جلال عامر مع نجله رامى
«نحن ديمقراطيون جداً.. تبدأ مناقشاتنا بتبادل الآراء فى السياسة والاقتصاد، وتنتهى بتبادل الآراء فى الأب والأم».. «إحنا الشعب الوحيد اللى بيستخدم المخ فى الساندويتشات»، «فى ظل التدين الشكلى الذى نعيش فيه أصبح لا أحد يخاف من النار إلا من يعمل فى المطافى».. هكذا أودع الكاتب الساخر جلال عامر رأيه فى مواطنيه المصريين، الذين ولد وعاش بينهم لما يقرب من ستين عاماً، هى كل عمره.. ضابط الجيش الذى اختار الكتابة الصحفية الساخرة مجالاً له، راح يشرّح المجتمع المصرى بعبارات خفيفة الظل لا يزال الناس يحفظونها عن ظهر قلب، ويتناقلونها فيما بينهم.. اليوم تمر الذكرى التاسعة لرحيل عامر، الفيلسوف الساخر، رغم حضور كتاباته التى أبقته حياً.
آخر ما كتب الراحل
عقد اجتماعي جديد
حاجة غريبة منذ ظهر «الجنزورى» على الساحة اختفى «الكفراوى» من الشاشة.. أما تآكل الاحتياطى النقدى فهو «ريجيم» بأمر الدكتور «العقدة».. أما «انتصار الشباب» فهو ليس فيلماً لأسمهان لكنه حقيقة علمية فلا أحد يقف أمام الطبيعة ولا عاقل يهتف ضد التكنولوجيا، هو فقط يُؤجل مثل مباريات الكرة ومواعيد حبيبتى وجلسات المحاكمة.. ومن كام ألف سنة خصصنا كام ألف كيلومتر لإقامة دولة ومن يومها ونحن «نسقع» الأرض ولا نبنى عليها الدولة بل نبنى قصوراً للحكام وقبوراً للزعماء لذلك أظن أننا لا نحتاج إلى «دستور جديد» بقدر احتياجنا إلى «عقد اجتماعى جديد».. يعمل فيه الموظف نظير مرتب وليس نظير رشوة.. وينال فيه الضابط احترامى دون أن ينال منى.. ويجلس فيه القاضى على المنصة مكان الشعب وليس مكان أحد أقاربه.. ويختار فيه الناخب مرشحه على أساس «حجم الكفاءة» وليس «وزن اللحمة».. ونعرف فيه أن مدرس اليوم هو تلميذ الأمس وناظر الغد يشرح فى المدرسة بطعم الخصوصى وأن طبيب اليوم هو تلميذ الأمس ومريض الغد يكشف فى المستشفى بطعم العيادة.. نريد عقداً اجتماعياً جديداً نمارس فيه السياسة فى الجامعات وليس فى الجوامع وفى المدارس وليس فى الكنائس - فبيوت الله تعلو على مقار الأحزاب.. نريد علاقة صحية وصحيحة بين السلطة والإعلام فليس حتماً أن يظهر «الجنزورى» فيختفى «الكفراوى» وشفافية تحاسب «العقدة» وتحاكم «المنشار».. وقد تابعت الصراع بين علماء «نظرية الكم» مثل «بلانك» الذين تحدثوا عن «الاحتمال» وبين علماء «نظرية النسبية» مثل «أينشتاين» الذين تحدثوا عن «الدقة» ولاحظت أن كليهما خصم «الفترة الانتقالية» من عنصر الزمن وقالوا إن سبعة آلاف سنة ليس فيها سبعة أيام حرية.. لذلك نريد رئيساً لا يُرفع عنه الستار كأنه تمثال فرعونى أو يقص أمامه الشريط كأنه محل تجارى بل حاكماً يحكم ويتحكم ويحاكم من أخطأ ويُحاكم إذا أخطأ.. وهناك موضوع آخر فى غاية الأهمية لكننى نسيته وعندما أتذكره سوف أتصل بك.