من على الرصيف.. سكان عقار حي الهرم المشتعل يروون لحظات الفرار من الموت
السكان يفترشون الرصيف
حالة مأساوية وأوضاع قاسية يعيشها سكان إحدى العقارات على الطريق الدائري المؤدي للمنيب، وتحديدا في المنطقة القريبة من حي الهرم، وذلك عقب اندلاع حريق هائل بالبناية المكونة من 11 طابقا، كان مصدره مخزن أحذية يحتل الطوابق الأول والثاني والثالث، الأمر الذي أدى إلى تصدع جدران العقار، بسبب اشتعال النيران منذ الـ5 من مساء أمس واستمرارها حتى هذه اللحظة.
السكان يفترشون الأرصفة بعد إخلاء العقار
على بعد ما يقرب من 2 كيلو عن العمارة المنكوبة، كان السكان باختلاف فئاتهم وأعمارهم، يفترشون جانب الطريق، ناظرين بعين الحسرة على مسكنهم الذي بات مهددا بالسقوط، لا يملكون سوى ملابسهم التي استطاعوا الفرار بها من الحريق الهائل الذي نشب في البرج السكني الضخم قبل أن تطال النيران أرواحهم.
بملابس رثة بفعل الجلسة فوق الرصيف، وبأعين دامعة وشاردة، وقفت إحدى السيدات التي كانت تقيم في إحدى الشقق بالعمارة، رفقة نجلتها، التي وضعت مولودتها قبل شهرين، وهي تبكي بحرقة ولا يتوقف لسانها عن ترديد «حسبي الله ونعم الوكيل».
وتضيف السيدة، أنها غادرت البناية قبل اندلاع الحريق بيوم كامل، حيث كانت تقيم مع ابنتها «كنت قاعدة معاها بأساعدها في تربية البيبي»، مشيرة إلى أنها غادرت قبل يوم من اندلاع الحريق إلى منزلها بمنطقة أخرى، لكنها علمت بالحريق من الأخبار فهرولت إلى منزل ابنتها للاطمئنان عليها، «اتفاجأت إمبارح من الأخبار إن في حريق في العمارة فجريت على بنتي عشان ألحقها، ومن ساعتها وإحنا قاعدين في الشارع بالطفلة الصغيرة دي في عز برد يناير مش معانا حتى بطانية نغطيها بيها».
وتقول السيدة بحرقة، إن سيارات المطافي أتت عقب مرور ساعتين على اشتعال الحريق، إلا أنهم توقفوا عن عمليات الإطفاء في تمام الثانية والنصف فجرا، رغم استمرار النيران في التصاعد، «الدخان الأسود بقى مغطي المنطقة كلها وبقينا بنتحايل عليهم يطفوا بيوتنا اللي حطينا فيها شقى عمرنا وغربة بنتي وجوزها وإحنا شايفينها بتولع قدامنا».
شهود عيان
مشهد آخر كانت فيه واحدة من السكان لا تقوى على الوقوف من شدة الصدمة، حيث تروي لحظات الرعب التي عاشتها لما يقرب من نصف ساعة بعد وقوع الحريق قائلة، «كنت في السوق بجيب طلبات البيت وسايبة ولادي التلاتة مع جدتهم في البيت، وجالي اتصال الحقي العمارة بتتحرق جريت وسيبت اللي اشتريته لقيت ولادي حافيين في الشارع ومنهارين من العياط، لولا ستر ربنا كان زمانهم جرالهم حاجة.. لأن لما الحريق اشتعل، الناس طلعوا خبطوا عليهم فهما خافوا يفتحوا لحد مايعرفهوش لأنهم صغيرين وأكبر واحد عنده 7 سنين، وجدتهم كانت نايمة لحد ما جارتنا وهي نازلة بتجري رزعت جامد على الباب فجدتهم هي اللي فتحت».
شاهد عيان: استيقظت على الحريق
لم تمر ساعتان على خلوده للنوم، حتى فوجئ أحمد نور، أحد السكان، بزوجته توقظه بصوت يملؤه الهلع والخوف «قوم العمارة بتتحرق والنار هتموتنا»، ليقفز من فراشه إلى السلالم، رفقة زوجته وطفله، للوصول إلى بوابة العمارة التي كانت بمثابة جحيم يخنق أنفاسهم، «كنت عايز أخرج من العمارة بأي شكل في لحظة، وأنا نازل والدخان مغطي السلم لأني ساكن في الدور الرابع فوق المخزن مباشرة، حسيت إننا هنموت مخنوقين قبل ما نشوف الشمس»، متابعا «دوسنا في أطباق الأكل بتاعت الغداء اللي كانت على الأرض عشان نلحق ننزل».
السكان يطالبون بمكان للمبيت
ويطالب السكان بسرعة إخماد الحريق أو توفير أماكن لهم للمبيت. يقول أحد السكان: «عايزين مكان الستات والأطفال يناموا فيه، ده منظر مايرضيش ربنا نومنا على الرصيف كده ومش عارفين الوضع ده هيستمر قد ايه».
وكانت قوات الأمن قد فرضت كردونا أمنيا حول المنطقة المحيطة بالعقار لحين استئناف عمليات الإطفاء مرة أخرى.