أطفال السفاح ثقب في تقاليد المجتمع القنائي: سفر الأزواج والفقر في قفص الاتهام
إحصائية: نجع حمادي صاحبة النسبة الأكبر.. و27 طفلا في مركز الإيواء
رضيع عثر عليه في مركز أبوتشت
منذ عام مضى، انتشرت في قنا وبشكل ملحوظ ظاهرة العثور على أطفال حديثي الولادة داخل صناديق القمامة ووسط الزراعات وعلى الكباري وفي مصارف الترع، ما أصاب المجتمع القنائي بالصدمة، لاسيما في ظل القبلية والعادات والتقاليد المحافظة التي تحكم ممارسات أفراده، الأمر الذي يدعو إلى دراسة تلك الجرائم والوقوف على أسبابها قبل أن تتحول إلى وضع كارثي يقود إلى منحدر يتضرر منه الجميع، ومنها مؤسسات الدولة.
العثور على 6 رُضع خلال شهر واثنين في يومين
وقائع العثور على أطفال حديثي الولادة تكاد تتكرر خلال فترات قصيرة، فخلال شهر ديسمبر الماضي وحتى الأسبوع الأول من شهر يناير الجاري عُثر على 6 رُضع، وعلى مدار يومين متتالين في موقفين مختلفين عُثر على طفلين، أولهما في مشهد تقشعر له الأبدان، يدل على قسوة قلوب الجناة، حيث عثر رضيع بحبله الثري ملطخ بدم الولادة في موقف سيارات الأجرة بقرية عزبة البوصة في مركز أبو تشت.
أما الرضيع الثاني فعُثر عليه في نجع حمادي، عندما قامت فتاة بوضع رضيع داخل إحدى غرف مستشفى نجع حمادي، وتمكن أمين شرطة من ضبطها واستجوابها، حيث اعترفت بأن هذا المولود الذي حاولت التخلص منه، هو ابن غير شرعي نتيجة علاقة محرمة مع أحد جيرانها، وانتهى الأمر بعقد قران الفتاة على الشاب في مقر النيابة العامة.
نجع حمادي صاحبة النسبة الأكبر في العثور على الأطفال مجهولي النسب
وفق إحصائيات لجنة حماية الطفل بمحافظة قنا، فإن مدينة ومركز نجع حمادي سجلت أعلى معدل في العثور على الأطفال مجهولي النسب المعثور عليهم، خاصة في العام المنصرم 2020، يليها مركز فرشوط، ثم دشنا وقوص ومركز ومدينة قنا ونقادة ثم قفط، الأمر الذي يدعوا إلى تدخل العقلاء من رجال الدين ومؤسسات الدولة للقضاء على تلك الظاهرة التي تعد وصمة عار في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد.
مواطنون: الحالة الاقتصادية وسفر الزوج والمخدرات أهم الأسباب
وأرجع عدد من المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في مجال حقوق الطفل أسباب انتشار هذه الظاهرة في المجتمع القنائي، إلى عوامل اقتصادية واجتماعية، وسفر المتزوجين إلى الخارج للعمل بالدول العربية من أجل كسب المال وابتعادهم عن زوجاتهم فترة طويلة، ما يؤثر على العلاقة الزوجية ويؤدي إلى التفكك والانحلال، فضلًا عن انتشار المخدرات، واستيطان عائلات غريبة في مناطق كثيرة حيث جلبت ثقافات مختلفة عن عادات التحفظ والعفة التي تتحلى بها المرأة في الصعيد.
تقول، علا محمد، إحدى العاملات في منظمات المجتمع المدني، والتي عملت في مجال حقوق الطفل، إن انتشار ظاهرة العثور على الأطفال مجهولي النسب خاصة في مدينة نجع حمادي يرجع إلى الظروف الاقتصادية، وانتشار العلاقات المحرمة التي ينتج عنها الحمل السفاح، لتظهر الخلافات بين الطرفين ومنها عدم اعتراف الجاني بما فعله مع الفتاة من ناحية، وعدم قدرة السيدة التي حملت على الكشف عن أمرها خشية الفضيحة، ما يدفعها إلى استكمال حملها ووضع الطفل وتركه في أي مكان.
وأضاف أن طول فترة غياب الزوج أثناء عمله بالخارج لعدة سنوات يجعل الزوجات عرضة إلى الانحلال وإنشاء علاقات غير شرعية، مدللة عل ذلك بأن عددًا كبيرًا من الأطفال الذين عُثر عليهم لزوجات أزواجهن يعملون في الخارج.
ويقول ممدوح سليم، مدرس علم نفس واجتماع، إن انتشار المخدرات بين شباب المجتمع القنائي خاصة المخدرات الكيمائية تذهب العقل، ما يترتب عليه انتشار زنا المحارم والعلاقات الاجتماعية غير الشرعية، فضلًا عن وجود عائلات غريبة استوطنت نجع حمادي وجلبت معها ثقافات غير أخلاقية في الملبس والانفتاح في التعامل دون وضع حدود.
رضيع في زراعات القصب بقنا
«سليم»: الرجوع للدين وعدم المغالاة في الزواج أهم الحلول
وتابع أن انتشار هذه الظاهرة يدعو إلى تكاتف العقلاء والمؤسسات الدينية والحكومية للتدخل لإرشاد المواطنين، خاصة العائلات التي تغالي في الزواج ما يرفع معدلات العنوسة ويدفع الشباب إلى الانحلال.
وأشار الشيخ عبدالله محمد، إمام مسجد، إلى أن انتشار زنا المحارم وأطفال السفاح يرجع إلى عدم الالتزام بتعاليم الدين واتباع الأساليب الصحيحة في التربية والتنشئة الصحيحة، داعيًا المجتمع إلى التكاتف وإعادة النظر طرق التربية الصحيحة.
27 طفلًا مجهولي النسب في مركز الإيواء
وقال مصدر مسؤول في وحدة حماية الطفل في قنا، إن هناك دراسة نشير إلى انتشار ظاهرة العثور على أطفال السفاح، لافتًا إلى أن مركز الإيواء في مدينة قنا به 27 طفلًا مجهولي النسب، وهذا عدد كبير جداً ويؤرق الجميع، ويتطلب التحرك السريع.
وكشف أن الاطفال الذين يُعثر عليهم يتم وضعهم في حضانة مركز الإيواء، وتُستخرج لهم شهادات ميلاد عن طريق أسماء وهمية للأب والأم موضوعة مسبقًا من مديرية التضامن مع مكتب الصحة، ووفق رقم قومي خاص بمجهولي النسب، مشيرًا إلى أن لون شهادة الميلاد مختلف عن لون شهادة ميلاد المواليد الطبيعيين.
وأضاف أن المركز يوفر كل الرعاية الصحية والغذائية وغير ذلك من أوجه الدعم لهؤلاء الأطفال، لافتًا إلى أن عمليات التبني تشرف عليها مديرية التضامن الاجتماعي والتي تتابع أيضًا الطفل مع الذين تكفلوا برعايته وتبنيه.