كان نادر باسم نصر الدين، فى رحلة إلى دهب لبضعة أيام، بهدف الاستجمام وكسر خيوط الاكتئاب التى بدأت تغزل شباكها حول حياته، عندما فوجئ باتصال هاتفى يخبره بإصابة والده الأستاذ بكلية فنون جميلة بفيروس كورونا، ليغادر سريعا إلى القاهرة لرعاية والده.
ما لم يتوقعه نادر، أنه خلال كل خطوة فى رحلة علاج والده، منذ تلقى اتصال الإصابة ثم العزل المنزلى، ثم البحث عن سرير فى مستشفى، كانت أيادى المساعدة تتلقفه بالرحمة والحب والسند، دون طلب أى مقابل.
الأمل فى ثنايا الألم
قرر صاحب الـ27 عاما، أن تجربته الإيجابية لا بد أن ترى النور عبر وسائل التواصل الاجتماعى، لتبث بصيص من الأمل فى نفوس الناس، بتلاحم المصريين وتكاتفهم فى الشدائد، وأنه رغم تعامله طوال حياته مع الأجانب، إلا إنه لم ير مثل شهامة المصريين.
«أنا كان عندى إحساس باليأس بدأ يتسرب جوايا، بسبب أحداث كورونا، وتأثيرها السلبى على الشغل فى مصر، وشكل الحياة بشكل عام، وفى الفترة الأخيرة مكنتش شايف أى سبب لاستمرار وجودى فى مصر، بالعكس أنا كنت ناوى أهاجر بره من خلال الدراسة ثم العمل، وكانت رحلة دهب محاولة للوصول لقرار نهائى، لكن إصابة والدى بكورونا، غيرتنى حرفيا، وكان لازم أنقل تجربتى للناس علشان يشوفوا اللى أنا شوفته»، بهذه المقدمة بدأ نادر، خريج كلية الإعلام جامعة الأهرام الكندية، يحكي تجربته.
مساعدات بلا مقابل
يسرد نادر جملة المساعدات التى عرضت عليه منذ تلقى خبر إصابة والده: «أنا كنت فى دهب، وبمجرد ما صاحب الفندق عرف أن والدى اتصاب، رفض أنى أنزل القاهرة خوفا على من العدوى، وعرض عليا أوضة لمدة أسبوعين مجانا، بل حاول منعى من السفر، لأنه شايف أن ده واجب عليه».
يواصل خريج الإعلام: «وأنا فى الطريق، سواق الشركة اللى أنا راجع بيها، بمجرد ما عرف أن عندى حالة إصابة صمم يوصلنى لغاية باب البيت، ورفض يوصلنى فى الموقف الخاص بالشركة، محل السوبر ماركت، لما عرف أنى مخالط وبنشترى منه الأكل، رفض أنه ياخد مننا حق الأكل أو الديلفرى».
«والدى كان محتاج حقن بـ12 ألف جنيه، فى ناس من أصدقاءنا سعوا أنهم يوفروا الحقن دى بمبالغ أقل، لأنهم عارفين أننا لا نملك كل المبلغ ده، حجم الأدوية اللى والدى كان محتاجها عدت الـ30 ألف جنيه، وكان لينا أصدقاء وأقارب عرضوا المساعدات لتوفير المبلغ ده، ومواقف تانية كتير كلها أكدت ليا أن فعلا لسه الدنيا بخير»، بحسب نادر.
دعم نفسي وإنساني
رغم أن والد نادر، لا يزال فى العناية المركزة يتلقى العلاج، إلا إن الابن، شعر بأنه ما كان يستطيع الصمود، لولا المساعدات النفسية والإنسانية التى قدمها له من حوله، بلا مقابل بل ودون سابق معرفة: «أنا بدخل على فيسبوك دايما، وبشوف الأخبار الحزينة وأحيانا الكئيبة جدا، اللى ممكن تدمر نفسية الناس، فقررت أن أنشر تجربتى الإيجابية، تحت عنوان، أن شعب مصر أحسن شعب فى العالم فى التكاتف فى الشدائد، علشان الناس تعرف أنها مش لوحدها، وأنهم لازم يبصوا لنص الكوباية المليان، وفعلا ده خلانى لو حد طلب أى مساعدة أنا بقدمها عن طيب خاطر».
تعامل نادر، مع الكثير من الأجانب كان دافعا آخر لسرد تجربته الإيجابية، التى كانت لخصت رحلة علاج والده، والمساعدات التى تلقاها بشكل غير متوقع، من الناس سواء كانوا يعرفهم أو لا: «أنا اتعاملت مع أجانب كتير بحكم دراستى وسفرى، وفعلا الأجانب عمرهم ما بيكون عندهم التكاتف ده، ولا الإحساس بالإنسانية اللى عند الناس البسيطة، اللى مستعدة تقسم اللقمة اللى فى إيديها وتديك منها، وعلشان كده الناس لازم تعرف أنك طول ما أنت عايش فى مصر أنت مش لوحدك».
تعليقات الفيسبوك