من أقصى الصعيد إلى قاهرة المعز.. رمضان مش رمضان من غير كنافة «عم نبيل»
خيوط من العجين السائل الأبيض تدور بمهارة فى دوائر متداخلة لتصنع لوحة فنية بيد صانع فنان لتسلك طريقها إلى زبائنها الذين يتهافتون للحصول عليها، خاصة فى مثل هذا الموعد من كل عام؛ حيث تحولت «الكنافة» إلى سمة مميزة لرمضان، تتعدد أنواعها وأشكالها ولكن تبقى الكنافة اليدوى هى الأساس رغم مظاهر التطور التى طالت صنعته فوجب عليه مواكبتها إلا أنه ظل متمسكاً بصنعته.
إنه نبيل يحيى على، كنفانى يدوى، جاء من أقصى الصعيد إلى قاهرة المعز من أجل الكنافة. بملامحه الريفية البسيطة وقف «نبيل» بجوار صينية الكنافة يرتدى قطعاً كبيرة من الخيش على قدميه لتحميه من النار وحرارة الصينية، لم تتوقف يده عن الدوران فوق الصينية إلا وتراها تلتف إلى ذلك الإناء الكبير إلى جواره لتعبئة «كوز الكنافة» بالعجين مرة أخرى، قائلاً: «الكنافة البلدى دى كنافة المصريين، وخفيفة على المعدة أيام الصيام، رغم أنها أصعب من الكنافة الآلى لكن رمضان ما يبقاش رمضان من غيرها»، «نبيل» أب لأربعة أبناء أكبرهم «أحمد» الطالب بالفرقة الأولى بكلية الطب جامعة الأزهر، دفعه حبه لعمله وحرصه على توفير متطلبات أسرته إلى تركها بقريته «طحا الأعمدة» التابعة لمركز سمالوط، فشهر رمضان بالنسبة له موسم ينتظره من العام للعام قائلاً: «كل سنة بسيب بلدى وبنزل القاهرة فى رمضان عشان الرزق هنا أوسع بشتغل من الساعة 8 الصبح للساعة 8 بعد الفطار كل يوم، طول ما أنا واقف بفكر فى ولادى واليوم بيعدى بالضحكة والنكتة وبيهونه فرحة الزبون وهو بيشترى الكنافة»، الكنافة بالنسبة له ليست مجرد مهنة أو مصدر رزق بل حياته التى اقترنت بها ذكرياته وطفولته قائلاً: «كنافة الرش بتفكرنى بأيام طفولتى لما كنا بنلعب فى البلد جنب الناس اللى بتعمل الكنافة على الصاج وبالحطب، وكانت الحياة حلوة والناس فيها خير وبتحب بعض». يلتفت «نبيل» إلى ابنه «أحمد»، يطلب منه إحضار إناء العجين، يغيب الابن فيواصل الأب حديثه: «على عينى ابنى يتبهدل، بس أعمل إيه؟ ما باليد حيلة، قدمت على شغل أكتر من مرة جنب شغل الكنافة ونجحت، لكن بعد ما عرفوا إن معايا دبلوم قالولى مش عاوزين دبلومات، لازم ما تكونش أقل من معهد.