بروفايل| وجدى الحكيم صندوق الأسرار
فى هدوء وصمت جاء رحيل الإذاعى الكبير وجدى الحكيم، الذى عاش حياة صاخبة مليئة بالأحداث التى كان شاهداً عليها فى حياة وكواليس أعمال عشرات النجوم فى مصر والوطن العربى، من خلال مشواره مع ميكروفون الإذاعة والذى جعل منه كائناً حياً يهز به وجدان الوطن العربى كله عبر الأثير بشكل مستمر، عاش حياته الحقيقية خلف ميكروفون الإذاعة.
رحل الصندوق الأسود لكثير من نجوم العصر الذهبى، والمؤرخ الموسيقى الذى لم يفصح بعد عن كل ما يملكه من أسرار وأحداث كان شاهداً عليها بحكم عمله فى الإذاعة واقترابه من هؤلاء النجوم.
ولد وجدى الحكيم فى 23 يونيو 1934 م، وتخرّج فى قسم الاجتماع بآداب القاهرة فى 1958 م، وروى أنه فى بداية حياته قد عمل بالإذاعة فى أعمال إدارية قبل أن تتاح له الفرصة للوقوف أمام ميكروفون الإذاعة، ليقدم العديد من البرامج منها «بصراحة» «ذكريات النجوم»، «منوعات عربية»، «نجوم زمان».. وغيرها من عشرات البرامج والتى كان لها تأثير كبير ممتد ظل عالقاً بأذهان الكثيرين وشكّل وجدانهم.
كان الحكيم يؤمن بمقولة فرجينيا وولف «ما لم يُدوَّن، لم يحدث»، لذا كان حريصاً على تسجيل كل لحظة عاشها بجوار أبرز نجوم الوطن العربى، فى لحظات تاريخية وفاصلة، أدرك منذ البداية أنه كُتب له، بحكم موقعه فى الإذاعة ومن خلال صداقاته بالعديد من الفنانين، أن يكون شاهداً على تراث وطن وضمير أمة، وحرص فى السنوات الأخيرة على أن يخرج من خزانته كواليس تسجيل أغنيات حرب أكتوبر وما أحاطها من أحداث، روى لنا حكاية منديل أم كلثوم، وملامح علاقتها بأحمد رامى وبليغ حمدى ورياض السنباطى، وكواليس أعمالهم، شرح لنا كيف كان العندليب عبدالحليم حافظ يختار أغنياته وألحانه، وكيف كان يحرص على تكثيف البروفات بشكل مبالغ فيه فى بعض الأحيان، ذكر لنا تفاصيل لم نكن لنعرفها عن حياة موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، والموسيقار فريد الأطرش، وحكى عن قصة زواج عبدالحليم حافظ وسعاد حسنى.. عشرات الأسرار التى كان يخرج لنا بها كل عام فى ذكرى ميلاد أو رحيل أى من نجومنا الكبار.. كان يملك تسجيلات نادرة لكل الفنانين على امتداد فترة علاقته بهم، تراث كبير جعله يستحق عن جدارة أن يكون رئيساً للجنة حماية تراث ماسبيرو والتى شكلتها وزيرة الإعلام درية شرف الدين.
رحل «الحكيم» فى هدوء ولكنه لم يدون مذكراته كاملة.. ولم يفصح بعد عن كل ما يملكه من تسجيلات نادرة لكل الفنانين، ويبقى على الدولة مسئولية حفظ تراث وجدى الحكيم السمعى بشكل يليق بأحد عمالقة الإذاعة.