بريد الوطن.. الحمد لله على السلامة يا عروسة
الحمد لله على السلامة يا عروسة
مع تهادى السيارة فى طريقها الطويل، بدأ يراجع خطته للمرة الألف فى رأسه، أقنعها بمقابلته لمرة أخرى، لينسيها خطأه، وها هو الآن فى الطريق. قرر أنه لا مجال للتراجع، ولا بد أن يغتنم الفرصة التى ربما لن تتكرر مرة أخرى.يصل إلى محطة العتبة ويهاتفها: «أنا وصلت أهو، قربتى ولا إيه؟»، «آه خلاص هنزل كمان شوية، هتستنانى فين؟»، «فى محطة العتبة».. ينتظرها قليلاً.. أخيراً ظهرت على الرصيف، يستطيع تمييزها بين مئات البشر، يتبادلان السلام ونظرات الشوق، ثم يمسك بيدها الصغيرة الرقيقة، ويركبان إلى محطة قطار رمسيس «هنروح فين؟»، «هوديكى مكان غريب، مش قلتى إنك عمرك ما ركبتى قطر؟»، يسيران معاً نحو رصيف قطار الصعيد المكيف. يعبث فى محتويات حقيبتها، يفتح الموبايل ويخرج الخط، يكسره ويلقى به من النافذة، ويغلق الهاتف ويحتفظ به فى جيبه، يصل القطار أخيراً إلى محطة الوصول، يصل إلى وجهته المعدة، يضعها على السرير برفق، يفرغ الشنطة من محتوياتها ويحتفظ بها فى خزانته، من الداخل يحضر أوراقه المجهزة، بطاقة رقم قومى باسم جديد لها وعنوان جديد وعليها صورتها، شهادة من جهة طبية تثبت مرضها النفسى بالشيزوفرينيا. تبدأ فى التحرك ببطء «أنا فين؟»، «انتى معايا يا حبيبتى» يمد إليها ورقة وقلماً: «امضى بقى على الورقة دى»، تبدو عليها الحيرة والتشتت، لكنها تمسك القلم وتوقع حيث أشار: «إيه دى؟»، «دى قسيمة زواجنا».
أحمد الحسينى
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com