مفيد شهاب: التهديد بالتدخل العسكرى يفقدنا الدعم الدولى
قال الدكتور مفيد شهاب، رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولى، إن أزمة سد النهضة، قضية سياسية وإشكالية فنية فى ذات الوقت، ومصر لديها الحق القانونى للحفاظ على حصتها فى مياه النيل، والقضية تحتاج إلى ممارسة المفاوضات الدولية ولا يجوز التهديد بالقوة، لأنه فى حالة التدخل العسكرى أو مجرد التهديد به، سوف نتعرض إلى فقد الدعم الدولى الذى بدأ يتفهم الموقف المصرى.
وقال «شهاب» خلال ندوة نظمها نادى روتارى النزهة بالإسكندرية، مساء أمس الأول حول قضية حوض النيل وأزمة سد النهضة، إن موضوع سد النهضة له أبعاد سياسية، وراءها قوى كانت ترغب فى الضغط على مصر، ومن الطبيعى أن يهتم الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى خطاب تنصيبه، بالإشارة إلى موضوع حوض النيل، لأن سد النهضة بالنسبة لمصر يمثل مسألة حياة أو موت، وبدون مياه النيل تعيش إثيوبيا، لتعدد مصادر المياه الجوفية والأمطار، فضلاً عن كونها دولة منبع.[FirstQuote]
وأضاف أن مخطط إنشاء السد الإثيوبى بدأ التفكير به منذ عام 2005، ولكن إثيوبيا لم تجرؤ وقتها على الجهر بهذا المشروع وكانت تدعى بأن كل ما تقوم به هى مجرد دراسات جدوى، ثم شرعت فى البناء مستغلة انشغال الدولة المصرية بالشئون الداخلية عقب اندلاع ثورة 25 يناير.
وأضاف أن الإثيوبيين يتحدثون عن سد شبيه بالسد العالى، فى البداية قالوا إنه لتخزين المياه، ولكن الآن أصبحوا يتحدثون عن أنه سد لتوليد الطاقة، الأمر الذى يهدد بنقصان حصة مصر بما لا يقل عن 25%.
وأوضح أن تقريراً فنياً من لجنة مشتركة مكونة من 10 باحثين، بينهم مصرى وإثيوبى، صدر فى يونيو 2013، أكد خطورة سد النهضة على مصر والسودان، مشيراً إلى أن مخطط السدود الإثيوبية على النيل الأزرق قديم، فعندما نجحت مصر بتعاون روسى فى إنشاء السد العالى، كانت تلك ضربة للولايات المتحدة، بعدها شكلت الولايات المتحدة لجنة فنية وأرسلتها إلى إثيوبيا، بهدف تشجيعها على عمل سدود، ومنذ هذا الوقت بنت إثيوبيا عدة سدود.
وتابع: فى عام 2005، حاولوا الضغط على مصر، وأجرت إثيوبيا دراسة تشير إلى أن سد النهضة سيصل قدرته التخزينية إلى 174 مليار متر مكعب، وارتفاع 145 متراً، ليكون أكبر سد فى العالم، واستغل الإثيوبيون ظروف ثورة 2011 ووصل حجم التنفيذ فى مشروع سد النهضة إلى نحو 33%، لكن من حسن الحظ، أن معظم ما أنشئ حتى الآن عبارة عن عمليات تحتية تأسيسية، وبدأ المشروع فى التوقف، بسبب مشكلة التمويل، وذلك لأن البنك الدولى وبعض الدول المانحة توقفت عن دعم المشروع.
وقال: دائماً كنا متعاونين مع دول حوض النيل، وحقنا أن نطالب بزيادة حصتنا فى المياه، من خلال مشاريع مشتركة مع دول الحوض، خاصةً أن مصر أبرمت ما لا يقل عن 20 اتفاقية دولية تؤكد حقها فى حصتها فى مياه النيل، بينها اتفاقية بين مصر وإثيوبيا فى عام 1993، لكن الجانب الإثيوبى يشكك فى تلك الاتفاقيات، بدعوى أنها تمت فى ظل وقوع عدد من الدول الموقعة عليها تحت الاستعمار، لكن هذه حجة غير صحيحة، والاتفاقيات كانت بين دول، ولا يمكن التراجع عنها، كما أن أكبر دليل على صحة وسلامة الاتفاقات الدولية، التى تمت خلال الاستعمار، هو موافقة منظمة الوحدة الأفريقية، على الحدود التى تركها الاستعمار بين الدول.
واستطرد قائلاً: «إذا كنا نحترم الاتفاقيات الدولية التى تمت فى عهود الاستعمار على الحدود، فكيف ننكرها فيما يخص المياه، هذا الكلام مرفوض وغير قانونى، فالمعاهدات والاتفاقيات التى تبرم بين الدول المستقلة، والدول غير المستقلة أبرمها من ينوب عنها، ويجب أن تحترم».
وقال إن مصر مرت بمراحل طويلة فى التفاوض مع الجانب الإثيوبى، كانت أصعبها، حينما أذيعت إحدى الجلسات بين الرئيس المعزول محمد مرسى، وعدد من ممثلى القوى السياسية، والتى حملت إساءات للجانب الإثيوبى، وتعثرت بسببها المفاوضات.
وأشار «شهاب»، إلى أن مصر أمامها طرق متعددة للتعامل مع قضية سد النهضة، منها: التفاوض، واللجوء إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والتحكيم الدولى، ومحكمة العدل الدولية، مؤكداً أن بعض الإشارات من الجانب الإثيوبى تشير إلى تغيير الموقف بشأن سد النهضة، وسيتضح ذلك فى الفترة المقبلة.