المصريون يصنعون المعجزات.. ونبوءة شاعر النيل "وقف الخلق" كلمة السر
"وقف الخلق ينظرون جميعًا كيف أبني قواعد المجد وحدي"، كلمات خالدة لشاعر النيل حافظ إبراهيم، خلدتها السيدة أم كلثوم بصوتها، لتتحول الكلمات إلى نبوءة، لم يتوقف المصريون عن تحقيقها خلال السنوات الأخيرة، قبيل الثورة وبعدها، حيث وقفوا معًا في عدة مناسبات استثنائية، شهدها العالم كله لحظة بلحظة، بداية من الفوز المتعاقب بكأس الأمم الإفريقية، مرورًا بثورة 25 يناير، والانتخابات المتعاقبة، وثورة 30 يونيو، وانتهاءً بالحدث الجلل لتنصيب رئيس الجمهورية.
شاشات في الشوارع، والبيوت، تنقل الحدث، وعيون العالم تترقب، بما فيها أعين الجماعة الإرهابية، التي تنتظر خطأ هنا أو ثغرة هناك، حالة جماعية من "النظر" يجتمع عليها المصريون، بمزيج من المشاعر المتضاربة: "تلك ثورة أخرى" هكذا وصفها الدكتور سامي السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مشيرًا إلى أن تلك الحالة الاستثنائية: "سوف يترتب عليها الكثير، وسوف يختار المشير على أساسها معاونين وأهدافًا قومية ترضي المصريين بعد أن يرى تجمعهم الكبير".[SecondImage]
العديد من النتائج تترتب على وقوف المصريين معًا لينظروا للأمر ذاته، يعددها السيد، قائلا: "يجعل هذا من السيسي قائدًا قريبًا من الشعب، بالذات من الطبقة الكادحة، التي يعلم أن حبها ليس مجانيًا ولا دائمًا للأبد، بل يحتم عليه إصلاحات اقتصادية وإلا سينتهي به الأمر كعصام شرف الذي حمله الناس على الأعناق ثم صرخوا فيه بالرحيل، بدأ السيسي عهده بكلمة تحدث فيها عن العيش والحرية والعادلة الاجتماعية، وسوف يكافح كي يحتفظ بمكانته تلك عبر إصلاحات اجتماعية وعدالة غير معتمدة على أصحاب رأس المال ".
يصف السيد لحظات التجمع تلك بأنها "فارقة في تاريخ الشعوب"، قائلا: "التوحد يصنع ثورة، ويوحد الناس على قلب رجل واحد، يصنع المعجزات، حين اجتمع الناس خلف المنتخب الوطني على كأس إفريقيا ثلاث مرات متتالية رغم سوء أداءه في الداخل، لكن شعورهم بالدعم الشعبي، جعلهم يقدمون أكثر مما يحلمون، لتتوالى الإنجازات".
بعيدًا عن النعرات الشعبية، وترديد المقولات الجوفاء التي لا تستند إلى واقع يدعمها حول التاريخ العميق للشعب المصري، وعن أنه قائد العالم وأن مصر أمها، يرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن المرات المتتالية التي مر بها المصريون ليصطفوا فيها معًا، تحت أنظار العالم أعادت لهم روح الوطنية الغائبة: "فضلنا فترة طويلة نسأل الشباب معندهمش انتماء ليه، وفين الشعور بمصر، لكن المواقف المتتالية أخرجت العلم المصري اللي بقى موجود في كل مكان، وعزز الشعور بالوطن وأهميته، وزاد الشعور ده، بعد اللي حصل لدول مجاورة زي سوريا، ومجيء رئيس زي مرسي، وجماعة طز في مصر".
صادق أشار إلى المحاولات العديدة التي بذلتها الجماعة الإرهابية من أجل زعزعة الروح الوطنية والطعن في أركان الدولة، من جيش وقضاء وشرطة، والتسفيه من فكرة الوطنية عبر ترديد كلمة "ماسر" بدلا من "مصر"، لكنه قال: "الشعب قال كلمته، وكان ولا يزال يمحو كل تلك الملايين التي تم إنفاقها لمحو وطنيته، باصطفافه معًا يشهد مستقبله ويرسمه أمام صندوق الانتخاب، أو شاشة التليفزيون التي يتابع فيها مراسم التنصيب".