في مثل هذا اليوم.. ولد "البارودي" رائد الشعر العربي الحديث
محمود سامي البارودي
عرف برائد الشعر العربي الحديث، حيث جدّد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً، هكذا لقب محمود سامي البارودي، ويعد أول من كتب مقدمة لديوان شعري في العصر الحديث، وعرف الشعر، بأنه لغة خيالية يتألق وميضها في سماوة الفكر فتنبعث أشعتها إلى صحيفة القلب، فيفيض بلألأتها نوراً يتصل خيطه بأسلة اللسان فينبعث بألوان من الحكمة ينبلج بها الحالك"، وللشعر وظيفة عند" البارودي"، تتمثل في تهذيب النفوس، وتدريب الأفهام وتنبيه الخواطر إلى مكارم الأخلاق.
ولد الباردوي في مثل هذا اليوم في السادس من أكتوبر من عام 189، ونشأ في أسرة ميسورة الحال ذات سلكان، فأبوه كان ضابطا في الجيش المصري برتبة لواء، وعُين مديرا لمدينتي بربر ودنقلة في السودان، ومات هناك وكان محمود سامي حينئذ في السابعة من عمره.
تلقى البارودي دروسه الأولى فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، و تعلم مبادئ النحو والصرف ودرس شيئا من الفقه والتاريخ والحساب، حتى أتم دراسته الابتدائية عام 1851 حيث لم يكن هناك في هذه المرحلة سوى مدرسة واحدة لتدريس المرحلة الابتدائية، وهي مدرسة المبتديان وكانت خاصة بالأسر المرموقة وأولاد الأكابر، وجلبت له والدته المعلمين لتعليمه في البيت، و التحق وهو في الثانية عشرة من عمره بالمدرسة الحربية عام 1852.
تولى البارودي نظارة الحربية في 14 سبتمبر 1881 في الوزارة التي شكلها شريف باشا عقب الثورة العرابية خلفًا لعثمان رفقي باشا إلى جانب وزارة للأوقاف، بعد مطالبة حركة الجيش الوطنية بقيادة عرابي بعزل رفقي، وبدأ البارودي في إصلاح القوانين العسكرية مع زيادة رواتب الضباط والجند، لكنه لم يستمر في المنصب طويلاً، فخرج من الوزارة بعد تقديم استقالته في 22 أغسطس 1881؛ نظرًا لسوء العلاقة بينه وبين رياض باشا رئيس الوزراء، الذي أساء له عند الخديوي.
ثم تولى رئاسة النظارة إلى جانب نظارة الداخلية في الفترة من 4 فبراير 1882 حتى 17 يونيو 1882، وكان أول رئيس وزراء في تاريخ مصر لم يعينه الخديوي بل ينتخبه مجلس النواب، ومن أجل ذلك أطلقت على وزارته اسم "وزارة الثورة" أو الوزارة الوطنية.
ضاق البارودي برتابة العمل الديواني وحنّ إلى حياة الجندية، فنجح في يوليو عام 1863م بالانتقال من معية الخديوي إلى الجيش برتبة بكباشي، وعين قائد الكتيبتين من فرسانه، وأثبت كفاءة عالية في عملهِ، وفي أثناء ذلك اشترك في الحملة العسكرية التي خرجت عام 1865 لمساندة الجيش العثماني في إخماد الفتنة التي نشبت في جزيرة كريت، واستمر في تلك المهمة لمدة عامين حيث أبلى البارودي بلاء حسنًا.
حُكِم على البارودي وستة من زملائه بالإعدام، ثم خُفف، في 3 ديسمبر 1882، إلى النفي المؤبد إلى جزيرة سرنديب، عندما دخل الإنجليز مصر، وقبضوا على زعماء الثورة العرابية وكبار القادة المشتركين بها، ظل في المنفى بمدينة كولومبو عاصمة سيريلانكا حاليا أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه، و ترك العمل السياسي، بعد عودته من المنفى للقاهرة، في أواخر سنوات حياته، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم شوقي وحافظ ومطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله، فخطوا بالشعر خطوات واسعة، وأُطلق عليهم "مدرسة النهضة" أو "مدرسة الإحياء"، وتوفي البارودي في 12 ديسمبر 1904م