سكان منطقة سوزان بعد 12 عام على انهيار صخرة الدويقة: كسبنا حياة جديدة
همت: إحنا ماكناش عايشين دلوقتي بقى لينا شقة وباب مقفول علينا
منطقة سوزان
12 عاما مرت على حادث انهيار صخرة الدويقة بمنشأة ناصر، تبدل خلالهم حال سكانها، فبعدما كانوا يعيشون في منطقة عشوائية منقطع عنها كافة الخدمات من مياه وكهرباء، وبيوت آيله للسقوط في أي وقت، أصبح لكل منهم مسكن آدمي متوفر به كافة الخدمات التي يحتاجونها في حياتهم اليومية.
فبمجرد أن تطأ أقدامك لمنطقة سوزان "الدويقة الجديدة" تجد على يمينك ويسارك عمارات متشابهة لكل منها رقم محدد، يقطن بها مئات الأسر التي استيقظت صباح يوم السبت السادس من سبتمبر لعام 2008 على كارثة دمرت بيوتهم وأفقدت بعضهم ذويهم بعد سقوط أجزاء ضخمة من صخرة الدويقة عليهم، من بينها أسرة "همت مصطفى" التي استيقظت حينها على هزة أرضية، ظنت في بداية الأمر أنه زلزال كما حدث في التسيعينات، حتى سمعت صوت ارتطام شديد، فانتفضت من مكانها مسرعة نحو ابنتها التي كان عمرها لا يتعدى الـ4 سنوات، ثم حاولت الخروج من بيتها وخصوصاً بعد سماعها صوت صراخ وبكاء لبعض جيرانها.
"ماكنتش شايفة قدامي بسبب التراب، حضنت بنتي وحاولت أبعد بس ما عرفتش بسبب الطوب والحجر اللي كان بيقع علينا وإحنا ماشين، لحد ما جم رجالة الحماية المدنية وطلعونا"، تقول همت.
توجهت "همت" وزوجها الذي يعمل بإحدى ورش خراطة المعادن، بعد صدور قرار بإخلاء منطقتهم بالكامل حينها لمدينة الفسطاط للمبيت بمخيمات حتى تم تسكينهم بمنطقة سوزان التي كانت بالنسبة لهم "حلم بعيد" رغم قربها من منطقتهم، فكانت كلما مرت من أمامها تتمنى أن تصبح من سكانها وخصوصاً أن منزلها القديم كان آيلا للسقوط، لكن وضعهم المادي وظروفهم حينها لم يسمح لهم بالحصول على شقة فيها: "لما كنت بشوفها بتتأسس كنت بتمنى يكون ليا شقة فيها، بس كنت بقول لنفسي منين والإيد بصيرة، لحد ما المسئولين قالوا لنا هنسكنكم هناك، ما صدقتش نفسي".
حياة مختلفة تعيشها "همت" في السنوات الحالية، حيث كانت تعاني دائما من انقطاع الكهرباء والمياه ورغم تقديمها شكاوى للحي وقتها لكنها كانت دون جدوى، بجانب تضررها من غرق منزلها بمياه الصرف الصحي، لكن مع تسكينها في منطقة الدويقة الجديدة أصبح متوفر لديها كافة الخدمات التي جعلتها تعيش حياة آدمية، على حد تعبيرها، مضيفة: "إحنا ماكناش عايشين، أي مطر بتحصل نلاقي بيوتنا غرقت، ومفيش كهربا، ولا أمان، دلوقتي بقى لينا شقة وباب مقفول علينا، وبقينا زي باقي الخلق".
داخل إحدى الأكشاك الصغيرة بالمنطقة، كان "أحمد رمضان"، وزوجته يجلسان سويا لتناول وجبة الإفطار، يروي تفاصيل الواقعة التي بدأت بانهيار جزء بسيط من الصخرة فوق منزله، تلاها سقوط أجزاء ضخمه منها خلف بعضها، ما أدى إلى انهيار منزله الذي ورثه من والده تماما: "الحمد لله ربنا كتب لنا عمر جديد، البيت كان قديم، وآيل للسقوط، بس ماكنش معايا فلوس أجدده، والمنطقة كلها كانت عشوائية فكنت ساكت".
يعود الرجل الستيني بظهره للخلف متذكرا اللحظات المأساوية التي عاشها على مدار 7 أيام، قائلا "إحنا فضلنا قاعدين في الشارع، ماكنتش بفكر في ولادي هيعملوا إيه بعد ما البت اللي حيلتنا وقع علينا، بس لما المحافظة وفرت لنا المكان ده حمدت ربنا إنهم عوضونا لأني مهما عيشت ماكنتش هعرف أجيب شقة زي دي ولا في المكان ده"، وعن تسكينه بمنطقة سوزان، يوضح "رمضان"، أن الحياة اختلفت تماما، إذ أصبح كل من سكان منطقته القديمة في حاله بعدما اعتادوا التجمع يومياً على المقهى، بجانب الهدوء والنظافة التي يعيش فيها، على حد قوله: "ماكناش بنعرف نمشي في الشوارع من الزبالة ومياه الصرف الصحي، ده غير الحشرات والبلطجة اللي كانت بتحصل، إحنا افتقدنا اللمة والقعدة الحلوة بس ده أحسن لينا".
والتقطت منه اطراف الحديث زوجته التي أصيبت أثناء الواقعة بفتاق في البطن وكدمات في القدم أثرت على حركتها، قائلة: "فرق السما والأرض ما بين هنا والدويقة، حزنا على بيوتنا اللي كانت ملكنا، لكن كسبنا حياة نضيفة وسكن آمن لينا ولعيالنا"، موضحة أن أبنائها الثلاثة تم تسكينهم على بعد خطوات منها فور انهيار بيتهم.