قرار جليل.. طبيب عراقي أبعده إرهاب داعش وأعاده كورونا لعلاج ضحاياه
الشمري: الوطن في تلك الظروف بحاجه لكل جنوده من الجيش الأبيض
جليل الشمري
حروب ودماء.. دموع وألم، كان عنوان مسيرة طبيب تقاعد مبكرًا قبل أن يصل عامه الستين، الآلام التي لا تهدأ من كثرة التواجد بين أروقة المستشفيات أو العمل لساعات طويلة تعصر قدميه، تجبره على الراحة فلا يعبأ بها في البداية حتى تصل أوجها فيرضخ لها متألما ألما نفسيا يفوق بمراحل ألم قدميه، ليتقاعد مبكرا عن أداء واجبه كطبيب بأحد مستشفيات العراق.
مرت عليه حروب العراق وسنوات الاحتلال، عالج فيها الآلاف وحمل بين يديه كثير من الجرحى والقتلى، وأراد أن ينتهي كل ذلك الألم فاختار المعاش المبكر، إلا أن عدوا آخر أعلن النفير على العراق وغيرها، فقرر جليل الشمري أن يعود إلى ميدان القتال ويخوض معركته الأخيرة، ولكن هذه المرة أمام عدو مجهول لا يعبأ بأي سلاح ولا يهاب أي ميدان.
انتشار فيروس كورونا في وطنه ومشاهدته العديد من الإصابات والوفيات، كان دافعًا له لأن يقرر العودة مرة أخرى، بعد أن تقاعد منذ عدة سنوات لظروف صحية، ليقرر الوقوف بجانب الأطباء الشباب للدفاع عن وطنه ضد الفيروس المستجد.
مع وصول معدلات الإصابة إلى 238 ألف حالة حتى الآن، توجه الطبيب العراقي البالغ من العمر 53 عاماً، لأحد المستشفيات في بغداد والتي تهدف لعلاج المرضي، وطلب منهم الانضمام للفريق الطبي.
"أنا أكثر تخصص ممكن يساعد"
كون "الشمري" طبيبًا في أمراض الصدر والجهاز التنفسي، وما يسببه الفيروس من ضيق للتنفس، جعله على يقين أن العراق في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها من نزعات عسكرية، يحتاج لمساعدة أبناءه، "الوطن في تلك الظروف بحاجه لكل جنوده من الجيش الأبيض، للوقوف ضد الفيروس ومصابي العمليات الإرهابية والعسكرية".
خلال فترة الحرب شاهد الشمري: أطفالا يموتون دون يتمكن من مساعدتهم
مواقف صعبة عديدة شاهدها الطبيب العراقي خلال مسيرته مع الطب في ظل الظروف التي تعاني منها العراق منذ ظهور تنظيم القاعدة الإسلامية داعش في عام 2004 على يد أبو مصعب الزرقاوي، "رأيت أطفالًا يموتون دون أن أستطيع مساعدتهم لنقص الأدوات والمستلزمات الطبية، ترى طفلًا في عمر الزهور يحتضر ولا تستطيع إسعافه.. كنت كلما أنظر إلى طفل أتخيله أحد أبنائي"، حسب حديثه لـ"الوطن".
رغم تلك المشاهد إلا أن أقصى المشاهد التي توفى بها، حينما شاهد شقيقه الأكبر توفى أمامه بسبب تعرضه للإصابة في أحد هجمات داعش، "في عام 2014 كنت أعمل في المستشفى ودخلت حالات عديدة مصابة بجروح في قسم الطوارئ بسبب عمليات من داعش، ووجدت بينهم أخي بالمصادفة، حاولت بكل الطرق إسعافه أنا والأطباء إلا أنني لم أتمكن، لذلك فكرت في التطوع لأنني لن أقبل أن يتسبب الفيروس في وفاة أحد من أبنائي أو شقيقي الأخير".
التعامل مع مصابي كورونا وفق خطط الصحة العالمية
التعامل مع مصابي فيروس كورونا يجري وفق إجراءات محددة، حددتها منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العراقية، تبدأ بإجراء تحاليل متعددة للحالات المشتبه في إصابتها، وبعد التأكد من الإصابة "يعزل المريض في الجناح المخصص لاستقبال مصابي كورونا، وعزل جميع الملامسين وإجراء فحوصات طبية لهم للتأكد من خلوهم من الفيروس"، وفقًا لـ"الشمري".
عدم تواجد علاج محدد لكوفيد – 19، يجعل المهمة أكثر صعوبة على الأطباء في العراق، "العلاجات تكون شبه تجريبيه يمنح المريض عدة عقاقير تعمل على تقوية المناعة، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من عقاقير الملاريا والانفلونزا والريمديسيفير".
ورغم تجاوز عدد إصابات كورونا في العراق الـ1,763، إلا أنه على يقين أنه سيجري السيطرة عليه في القريب العاجل، لوعي الشعب العراقي بخطورة الفيروس واتباعه التعليمات الطبية الصحيحة.