"جوز الخبرة" يروي كواليس التجربة الدنماركية: الدور ماقتصرش على "يا بهاء"
خالد: الشخصية كانت مشهدين فقط.. وتوقع الزعيم نجاحها وأضاف لها جديد
الفنان خالد شبل
لم ينتظر طويلا حتى تسلل إلى قلوب الملايين، كانت مشاهده المعدودة على أصابع اليد الواحدة كافية ليتذكره الجمهور على مدار سنوات طويلة كان فيها بطلا للعديد من التعليقات الطريفة الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ليصبح دور "بهاء"، أو زوج العروس الخبرة في فيلم "التجربة الدنماركية"، بسمة ارتسمت على شفاه الجماهير ثم لاذت بالفرار تاركة لهم البحث عنها لأكثر من 15 سنة.
بدأت مسيرة الفنان خالد شبل البالغ من العمر 45 عاما، مع مجال التمثيل مبكرا، حين انضم وهو في المرحلة الثانوية إلى فريق التمثيل بالمدرسة، واشترك معها في عدد من المسرحيات على مستوى الإدارات التعليمة، رغبته في إصقال موهبته وشغفه بالتعليم دفعه لمحاولة الانضمام إلى معهد الفنون المسرحية، "في تلك الفترة المعهد لم يقبل الدبلومات وأنا كنت خريج مدرسة ثانوي صناعي"، ليقرر البحث عن شغفه في مكان آخر، فانضم إلى مسرح قصور الثقافة وشارك معهم في أدوار مختلفة على مدار سنوات.
ابتسم الحظ لـ "شبل"، وأتاح له فرصة الدراسة بالمعهد لتحقيق حلمه، حين قرر المعهد العالي للفنون المسرحية، إتاحة الفرصة لحملة الدبلومات بالالتحاق بالمعهد والدراسة به، "عرفت القرار قبل غلق باب التقديم بأسبوعين، وجريت عشان أجهز الورق والحق أقدم فيه"، وبعد نجاحه في اختبارات القبول بالمعهد أصبح أحد طلابه رسميا.
مسرحيات عديدة شارك فيها "شبل"، خلال فترة دراسته بالمعهد قدم فيها أدوارا ثانوية إلا أنها كانت ذات تأثير كبير في محور أحداث العمل، من بينها مسرحية "وداعا يا بكوات" مع الراحل فاروق الفيشاوي، ومسلسل "الكومي"، حيث جسد فيها دور نجل الفنان "الفيشاوي"، فيما يقرب من 3 حلقات، "تعلمت كثيرا من العمل معه وكنت سعيدا بفترة عملي معه".
ورقة بها إعلان بخط كبير على أحد أعمدة المعهد، كانت طريق خالد شبل للتمثيل أمام عادل إمام، إذ كانت ورشة مسرحية بحاجة لعدد من الوجوه الشابة يقدمها رامي عادل إمام، حيث نجح "شبل"، في اجتياز اختبارات الورشة وشارك مع نجل الزعيم في مسرحية "جزيرة القرع"، "المسرحية حققت نجاحات كبيرة، والأستاذ عادل إمام حضر العرض أكثر من 5 مرات".
حتى تفاجأ بعد انتهاء عرض المسرحية بأكثر من شهر، باتصال هاتفي من مدير أعمال الفنان عادل إمام، يخبره بموعد بروفة للمشاركة في عمل أمام الزعيم، "مصدقتش نفسي من الفرحة أنا هقف أمثل قدام عادل إمام"، وبعد قبوله في عد بروفات كان أحد الممثلين الذين اختارهم الزعيم، ليشاركوا معه في مسرحية "بودي جارد".
شخصية الميت.. ذلك هو دور "شبل"، الأساسي في المسرحية، إذ جسد شخصية رجل أعمال ميت يحمل في نعش للهروب بالأموال ويستوقف الزعيم جنازته ويدور بينهم حوار على المسرح، وتنجح المسرحية ويشارك في عرضها لأكثر من 5 سنوات مع الزعيم، وسافر معه عدة دول حول العالم لعرض المسرحية من بينها الجزائر والولايات المتحدة وغيرها من الدول.
لم يكن ذلك هو العمل الوحيد الذي جمع بينهم، إذ شارك أيضا معه في فيلم "أمير الظلام"، حيث كان أحد المكفوفين الذين يعيشون مع الطيار الكفيف في دار الرعاية، "خلال تصوير مشهد النافورة، سألني الأستاذ عادل تعرف تطلع النخلة دي، قبل ما يكمل كلامه كنت فوق عليها، وبالفعل أتعرض المشهد ده في الفيلم".
التجربة الدنماركية العمل الأهم في مسيرة خالد شبل الفنية
"التجربة الدنماركية".. أهم مشاركة في مسيرة "شبل" الفنية، والتي عرفه الجمهور من خلالها، وحينها كان في عمر 24 عاما، ففي البداية لم يكن من طاقم العمل المشارك مع الفنان عادل إمام، "زعلت جدا إني مش هشتغل مع الأستاذ، وبعد فترة كلمني الزعيم قال لي: تحب تشتغل معايا، قلتله طبعا، قال لي: هتعمل دور العريس، عندك تصوير بعد يومين في وزارة الشباب".
قبل الموعد المحدد بأكثر من ساعتين تواجد "شبل" في مقر التصوير، بحثا عن أي محاولة للتعرف على الشخصية التي سيجسدها، حتى تمكن من العثور على السيناريو، "بقلب الشخصية مفيش ليها أي كلام، كل اللي موجود اسم الشخصية وهو (بهاء)، ولا يوجد لها أي كلام"، ليصاب بحالة من الإحباط من تلك الشخصية، ويحاول تدريب نفسه في الدقائق المعدودة لمحاولة إيجاد طابع للشخصية، "فضلت أكثر من ساعة في حمام الوزارة بحاول أشوف ملامح للشخصية حتى لفت نظري جملة الزعيم (هو بهاء ده ميعرفش يعمل حاجه لوحده أبدا)، ساعتها قدرت أحدد ملامح للشخصية دي من تصرفات وحركته".
3 مشاهد قدمها "شبل"، في الفيلم لكن لكل منها قصة مختلفة، ففي أول مشاهد خلال زيارة "بهاء" ووالدة سعيد طرابيك، مكتب الوزير عادل إمام، "في السيناريو اللي كان مفروض يضرب من الأستاذ أحمد راتب مش سعيد طرابيك المفروض أنا، خلال البروفات كنت بضرب بالقلم من أحمد راتب، وكانت إيده جامدة أوي، وفي مشهد التصوير جه في بالي أفوت القلم"، أحدث هذا المشهد ضحكا كثيرا في للوكيشن، ونال إعجاب عادل إمام، ولكن غضب منه "طرابيك" ولكن تم إقناعه به وتم تغييره ليكون بذلك الشكل الذي ظهر عليه للجمهور.
مشهد الفرح مع العروسة من أصعب مشاهدي في العمل
مشهد الفرح مع العروسة "الخبرة"، أحد أصعب مشاهد "شبل خلال الفيلم، حيث كان من المقرر أن يجري شبل "بهاء" عقب التفجير في القاعة، إلا أنه فكر أن الشخصية لا يمكنها فعل شيء بمفردها ولن يجري دون أن يخبره أحد، "عملنا البروفات أول مرتين جريت بعد الانفجار زي السيناريو ما بيقول، وقلت في المرة الثانية مش هجري وأشوف رد الفعل على المشهد كده"، ولكن الثالثة كانت التصوير الفعلي، مع شدة صوت الانفجار "مقدرتش أجري من الخضة، والأستاذ خرج ولقاني فأكمل المشهد عادي كدة"، ولاقى إعجاب كل طاقم العمل وكان الضحك شديدا من المشهد.
تلك هي كانت مشاهد "شبل" فقط في الفيلم، إلا أن أدائه المتميز كان دافعا للزعيم لطلب مشاهد إضافية له، لأنه تأكد أن تلك الشخصية ستنال إعجاب الجمهور وتظل عالقة في ذهنه، "مشهد القسم لللي بستلم فيه زوجتي لم يكن موجودا"، وبعد حديث بين الزعيم والمخرج والمؤلف تم إضافته.
شخصية "بهاء"، الصامته طوال أحداث الفيلم رغب المؤلف أن ينهيها بمشهد القسم، حيث كتب في السيناريو بعد إضافته بعض الجمل له، "المفروض أن الضابط بيتكلم معايا، رحت للأستاذ عادل إمام قولته في كلام للشخصية وبقترح إننا نشيل كلام الشخصية ونخليه ساكت"، ورد عليه الزعيم أنها تلك أول مرة طوال عمله لمدة 30 عاما يطلب منه ممثل حذف كلماته من العمل، واستجاب له عادل إمام.
بذلك تكون آخر أعمال خالد شبل الفنية، ليقرر بعدها بفترة قصيرة الهجرة إلى الولايات المتحدة، لأنه شعر بعدم تحقيق ما يتمناه في مجال الفن فلم يحقق الشهرة الفنية التي طالما حلم بها، وعرض الفيلم بعد هجرته بفترة قليلة، "فترة 2004 مكنش فيه سوشيال ميديا، ومكنتش أعرف أن شخصية بهاء نجحت كده"، وكان لا يصدق مكالمة أصدقائه وزملائه الذين أخبروه أن دوره لاقى إعجاب الجمهور.
انتهت رحلة "شبل"، مع الفن بهذا العمل لكن لم تنهي رحلته مع الكفاح، ففي خلال إقامته أمريكا بدأ في البحث عن عمل، حتى أسس شركة مقاولات مهمتها تجديد المنازل القديمة، وجعلها قابلة للسكن مرة أخرى، "الشغل كان كويس جدا، حتى عام 2017، وحصلت أزمة عالمية في سوق العقارات"، فتسببت له في خسائر كبيرة، أجبرته على ترك ذلك المجال والبحث عن مجال عمل آخر يوفر له المال اللازم للأنفاق على أسرته.
ليقرر الالتحاق بأحد المعاهد المتخصصة في تعليم صيانة السفن، وبعد دراسة لمدة 14 شهرا، أصبح فني لصيانة السفن، وعمل في أحد الشركات وترقى بها في عدة مناصب، حتى وصل لمنصب المشرف على تسليم السفن بعد كامل صيانتها حتى الآن.
شهرة شخصية "بهاء"، تأكد منها "شبل"، بعد سنوات طويلة من سفرة، ففي أحد زياراته إلى الإسكندرية، خلال مرورة أمام أحد المدارس كان مستقلا سيارته، وسأله أحد الأطفال هل تعمل الفنان عادل إمام، "قال أنا عرفتك أنت جوز الخبرة، وفجأة قفز الأطفال على السيارة وهما بيقول (جوز الخبرة أهو أهو)"، حينها تأكد من نجاح دوره معها.
في عام 2011 حاول "شبل"، العودة مرة أخرى إلى مجال التمثيل، لتحقيق حلمه القديم، فقرر الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية ليكون طالبا بالتعليم الموازي، وتم ترشيحه في بعض الأعمال مرة أخرى، لكنه لم يتم الاتفاق، "شكلي ساعتها كان اتغير عن زمان وقت فيلم التجربة الدنماركية وممكن يكون ده السبب".
انقطعت علاقة "شبل" بالتمثيل وأغلب المحيطين به من القاهرة، إلا أنه كان دائما حريصا على التواصل بأستاذه عادل إمام، فيتصل به في الأوقات المختلفة للاطمئنان عليه، وآخرها قبل 3 سنوات، لتهنئته بيوم ميلاده، "قالي لو احتاجت أي حاجة كلمني فورا".
لم يحقق "شبل" شغفه كما تمنى في مجال التمثيل، إلا أنه شعر أن الله عوضه عن ذلك الحلم الذي سعى له سنوات طويلة بابنته ياسمين البالغة من العمر 13 عاما، وفريدة وعمرها الآن 9 أشهر، "هما كل حاجة في حياتي، ونفسي أسعدهم وأحقق لهم أحلامهم، ولو حد خيرني بين إني أرجع التمثيل وأبقى مشهور ولا يبقي عندي بناتي، هختار بناتي".