الكيانات الموازية.. سلاح "الإخوان" لتقويض الدول الوطنية الموحدة
ميليشيات ليبيا.. صورة أرشيفية
جاء الإعلان عن دراسة حكومة فايز السراج المدعومة من تركيا في ليبيا، إنشاء ما يسمى بـ"الحرس الوطني"، كجهاز يوازي جيش الدولة، ليؤكد الخطة الدائمة التي يتبعها عناصر تنظيم الإخوان الدولي الإرهابي، بالعمل دوما على إنشاء كيانات موازية للمؤسسات الرسمية للدولة، سواء بشكل علني أو سري لحماية أهداف الجماعة، حتى لو كان ذلك على حساب المفهوم الحقيقي للدولة.
وأحالت رئاسة الأركان التابعة لحكومة السراج، أمس، الأول مذكرة للعرض على رئيس المجلس الرئاسي، بشأن إنشاء الحرس الوطني، لدمج ما تسمى بالقوة المساندة في مؤسسات الدولة، وهي الفكرة القديمة التي عرضت من جماعة الإخوان وتيارات متحالفة معها في فترة حكومة علي زيدان.
والمقترح مكون من 5 مواد، ويحدد مهام الحرس الوطني في مواجهة أي خطر يهدد مدنية الدولة، ومساندة الجيش في الدفاع عن سيادة الدولة ووحدة أراضيها، على حد زعمهم.
ووفق المقترح، تسري على منتسبي الحرس الوطني، كل التشريعات العسكرية النافذة، لكنهم في نفس الوقت يعترفون أنهم عبارة عن جسد مواز لكيان الجيش.
الجماعة تؤسس لـ"جيش مواز" في ليبيا.. وفي سوريا بدأت بـ"الجيش الحر".. و"أردوغان" قنن "ميليشيات الشوارع"
كما يتضمن أن يكون الانضمام إلى الحرس الوطني من القوى المساندة ومن أطلق عليهم بالثوار.
ويرى مراقبون، أن الفكرة تشبه الحرس الثوري الإيراني، وقال رمزي الرميح المستشار القانوني السابق بالجيش الوطني الليبي، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن إقامة الكيانات الموازية هي خطط جماعة الإخوان لإسقاط فكرة الدولة الموحدة التي تمتلك أدوات القوة.
وأضاف: "لن يكون لأحد السيطرة على هذا الجهاز الذي تريد حكومة السراج إقامته إلا الجماعات الإرهابية، وأعتقد أن الإخوان في فترة حكمهم لمصر كان ينوون القيام بعمل مماثل أو بإنشاء جهاز يوازي الحرس الثوري الإيراني وقد كشفت وسائل إعلام أجنبية عن ذلك".
ولفت الأكاديمي الليبي، إلى أن الإخوان منذ 2011 أي منذ الإطاحة بنظام القذافي، قوضوا مفهوم الدولة الوطنية الموحدة بمؤسساتها، وعملوا على إنشاء كيانات موازية، من ذلك الكتائب المختلفة التي تسمى "ثوار"، وهذه الكتائب تقوم بدور الشرطة والجيش بالنسبة لهم، وأيضا عندنا انقلبوا على الانتخابات البرلمانية عام 2014، فذهبوا إلى "طرابلس" وأعادوا إحياء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، ثم لاحقا أسسوا برلمان موازي في "طرابلس" من النواب المنشقين عن مجلس النواب الحالي المنتخب شرعيا.
وأوضح "الرميح"، كذلك أسسوا حكومة موازية في "طرابلس" من قبل، مشددا على أن كل هذه التصرفات تعني على الفور تدمير وتقويض الدولة.
خبراء: "الإخوان" يشكلون دوما ما يشبه الدولة داخل الدولة.. ويخترقون جميع المؤسسات في إطار خطة التمكين
في سوريا، عندما بدأت الاضطرابات في 2011، على الفور تم تشكيل ما يسمى بـ"الجيش السوري الحر"، والذي بدأ بمجموعة من الضباط المنشقين عن الجيش السوري النظامي، يتم اتسع لاحقا ليشمل مجموعات إرهابية ومتنوعة عملت على محاربة الجيش السوري.
في هذا السياق، قال علي مقصود الخبير العسكري السوري، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن "خطة الإخوان دوما تبدأ بالسعي لإفقاد المواطنين الثقة في مؤسساتهم الوطنية من خلال الأكاذيب المتواصلة"، مضيفا: "وتعمل كذلك على تجنيد عناصر داخل المؤسسات الرسمية حتى تصبح كل مؤسسة تقريبا داخلها كيان إخواني يظهر للنور عندما تأتي الفرصة، وهو يتوازى مع مفهوم التمكين للجماعة وهذه خطة واضحة لديهم".
وقال العميد المتقاعد بالجيش السوري: "عندما أتت الفرصة للإخوان وحلفاءهم في سوريا على الفور أعلنوا عن تشكيل الجيش السوري الحر وأعلنوا حكومة موازية وواصلت التيارات الإخوانية تبجحها بدعوة العالم للاعتراف بها". وتابع: "فضلا عن ذلك يعملون وكأنهم دولة داخل الدولة، حتى لو اقتسموا جزء من أراضي الدولة ليقيموا إمارة خاصة لهم بدليل الوضع في إدلب، ومثلا الوضع في فلسطين من خلال سيطرة حماس على قطاع غزة".
وفي تركيا، أثار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غضب الشارع والمعارضة بالإعلان عن جهاز "حراس الأحياء"، والتي اعتبرها كثيرونرميليشيات مسلحة "رسمية" في تركيا، على غرار ميليشيات الباسيج في إيران، الأمر الذي أثار مخاوف لدى المواطنين وقوى المعارضة على حد سواء، كما يقول مراقبون.
وقال الكاتب الصحفي التركي محمد عبيدالله، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن "أردوغان مثله مثل جماعة الإخوان التي ينتمي إليها، عمل في اتجاهين، إعادة هيكلة أجهزة الشرطة وكذلك الجيش بعد اعتقالات وتسريحات عدة وإدخال عناصر تابعة لحزب العدالة والتنمية، وأيضا تكوين أجهزة مثل حراس الأحياء الذين هم بالفعل ميليشيات لدى أردوغان سيستخدمهم عند اللازم لقمع الشعب".
وأضاف "عبيدالله": "معظم هذه العناصر التي كانت بمثابة كيانت موازية لأجهزة الجيش والشرطة في تركيا ذات مويل متطرفة، وولاؤها الأول والأخير لأردوغان، وبالتالي هي لا تعرف معنى الوطنية أو الدولة الوطنية".
وتابع الكاتب الصحفي التركي: "الأمر لا يتعلق بالجيش والشرطة فقط، بل في مختلف الفعاليات والمجالات لا بد أن تجد أصحاب الفكر الإخواني وكأنهم كيان منفصل".