بعد ظهور سلالة جديدة بالصين.. كيف واجه العالم جائحة إنفلونزا الخنازير؟
إنفلونزا الخنازير
في ظل مواجهة العالم أجمع لفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، الذي أصاب أكثر من 10 ملايين شخص، ظهر بالصين مجددا، سلالة جديدة من فيروس إنفلونزا الخنازير، حيث حذر علمائها، من إمكانية تحوله إلى جائحة عالمية، كونه مزيج من 3 فيروسات.
وأوضح العلماء في دراسة، أنّ الفيروس المسمى "G4 EA H1N1"، ينتقل من الخنازير إلى الإنسان، وبما أن للفيروس سلالة جديدة، فالبشر لا يملكون المناعة ضده، ما يستوجب مراقبته بعناية، وفقا لما نشره موقع "سكاي نيوز عربية".
وتقول الدراسة، "إنّ فيروسات G4 التي ينتمي إليها هذا الفيروس، تحمل جميع السمات الأساسية لفيروس مرشح لأن يصبح جائحة، مشيرة إلى أنّ هناك أدلة على أنّ عمالا في مسالخ بالصين وموظفين آخرين يتعاملون مع الخنازير أصيبوا بالفيروس بينما لقاحات الإنفلونزا المتوفرة حاليا لا تحمي من السلالة الجديدة، لكن هناك إمكانية لتعديلها وجعلها فعالة، وفقا لوموقع "بيزنس إنسايدر".
ووجد العلماء، أن الفيروس هو مزيج من 3 سلالات من الإنفلونزا واحدة من الطيور الأوروبية والآسيوية، وسلالة الإنفلونزا التي تسببت في تفشي إنفلونزا الخنازير عام 2009، وإنفلونزا أميركا الشمالية التي تحتوي على جينات من فيروسات الطيور والبشر وإنفلونزا الخنازير.
وكتب الباحثون، أنّ الفيروس الجديد يحتوي على أجزاء من إنفلونزا الخنازير لعام 2009، و"قد يعزز التكيف مع الفيروس" الذي يؤدي لانتقال العدوى من شخص لآخر، وأضافوا أنّه نظرا للدمار، الذي تسبب فيه جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، فمن المهم اتخاذ إجراءات استباقية الآن لحماية العالم من إنفلونزا الخنازير.
وشدد الباحثون، على أنّ الحيوانات بمثابة خزان للأمراض المعدية، ويمكن أن تصاب بسلالات الطيور والخنازير والإنفلونزا البشرية، فيما أشاروا إلى أنّ الفيروسات تقوم بتبديل الجينات وهي عملية تعرف باسم "إعادة التصنيف"، ما يؤدي إلى الإصابة بمرض جديد.
كورونا أقوى من إنفلونزا الخنازير
في إبريل الماضي، أكدت منظمة الصحة العالمية أن الفيروس التاجي المستجد كورونا أثبت أنه أكثر فتكا وقتلا عشر مرات من وباء إنفلونزا الخنازير، الذي انتشر في جميع أنحاء العالم قبل عقد من الزمن.
تسبب إنفلونزا الخنازير، الذي امتد على مدى فترة زمنية بين يناير 2009 وأغسطس 2010، في إصابة أكثر من 1.6 مليون حالة مؤكدة، ووفاة 18449 شخصًا، ووصل عدد الوفيات حتى 31 يناير 2010 في 22 دولة عربية إلى 1014 حالة، بحسب صحيفة "إندبندنت" البريطانية.
جائحة انفلونزا الخنازير
وقبل ظهور السلالة الجديدة، في 2009 انتشر لأول مرة بشكل ضخم، لحين إن تم إعلانه في 11 يونيو من العام نفسه، من قبل منظمة الصحة العالمية أنه وباء عالمي، ثم رفعت مستوى الإنذار له إلى أن تم تصنيفه لجائحة، بعد ثبوت انتقال العدوى لدى البشر، لأول مرة في المكسيك بشهر أبريل.
وهو مرض تنفسي حاد وشديد الإعياء، يصيب الخنازير ويسبّبه واحد أو أكثر من فيروسات إنفلونزا الخنازير من النمط A، ويتسم بمعدلات مرضية عالية ومعدلات إماتة منخفضة (1%-4%)، وينتشر بين الخنازير عن طريق الرذاذ والمخالطة المباشرة وغير المباشرة والخنازير الحاملة للمرض العديمة الأعراض، لذلك تعتمد بعض البلدان على تطعيم الخنازير.
شهدت عدة دول ذلك المرض بين الخنازير في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأوروبا، بما في ذلك المملكة المتحدة والسويد وإيطاليا وكينيا وبعض المناطق من شرق آسيا بما في ذلك الصين واليابان.
بينما سارعت الحكومات بتخزين لقاحات ضخمة، بينما حققت شركات الأدوية مثل جلاكسو سميثكلاين وسانوفي أفنتيس أرباحا كبيرة من انتاج لقاح مضاد لفيروس (اتش1ان1).
وفي الوقت ذاته، انتشرت عدة شائعات عالمية بشأن الفيروس، لحين حسم ذلك، بأن إنفلونزا الخنازير يعتبر من أكثر الفيروسات خطورة، لكونه يتمتع بقدرة تغير سريع، هربا من تكوين مضادات له في الأجسام التي يستهدفها، حيث يقوم الفيروس بتحوير نفسه بشكل طفيف كل عامين إلى 3 أعوام، وعندما تبدأ الأجسام التي يستهدفها بتكوين مناعة نحوه، يتحور الفيروس ويتمكن من الصمود أمام الجهاز المناعي.
واتخذت الدول العربية، عدة إجراءات منها، تنشيط وتفعيل خطط الجاهزية والاستعداد لأنفلونزا الخنازير والاستمرار في تفعيل نظم الإنذار المبكر والترصد الوبائي لمرض إنفلونزا الخنازير، وتحديث الخطط الوطنية على ضوء المستجدات الواردة من الدول المتأثرة، ووضع كل الإمكانات المتاحة الفنية والبشرية في كل دولة، وأن تكون النسبة الأدنى للمخزون الاستراتيجي 10% من الأدوية، لعدد السكان وتطلب من المصانع الوطنية المؤهلة وذات القدرات لتصنيع أدوية مماثلة وذلك بعد إتباع الاشتراطات الدولية بشأن ممارسة التصنيع الطبي الجيد (GMP).
كما تم نشر الإجراءات غير الدوائية مثل "التوعية الصحية- البقاء في المنازل- غسل الأيدي- إغلاق الحدود لبعض دول الجوار في حالة اكتشاف حالات فيها"، وتوحيد سياسات استخدام العلاج الوقائي.
إجراءات الصحة العالمية
تسبب المرض في قلق عالمي ضخم قبل 11 عاما، حيث رفعت منظمة الصحة العالمية مستوى الإنذار في مواجهة المرض إلى الدرجة السادسة القصوى معلنة بذلك عن أول جائحة في القرن الـ21.
وقالت مديرة المنظمة مارجريت شان، حينها "أن الفيروس لا يمكن وقفه"، بعد 28 ألف شخص بالمرض في العالم، وهو ما أثار انتقادات ضخمة حينها بمبالغة المنظمة العالمية في ذلك الأمر، حيث قال كيجي فوكودا أكبر خبراء الانفلونزا بمنظمة الصحة العالمية حينها، إنَ نظام الوكالة التابعة للأمم المتحدة المكون من 6 مراحل لإعلان الوباء أظهر التباسًا فيما يتعلق بفيروس انفلونزا الخنازير؛ التي ثبت في نهاية المطاف أنها ليست بنفس الدرجة القاتلة مثل انفلونزا الطيور.
وفي يونيو 2010، نشرت المنظمة تقريرا مفصلا ردت فيه على الانتقادات التي وجهت إليها بشأن التعامل مع أنفلونزا الخنازير بطريقة مبالغة، حيث أكدت أن فاشيات العدوى بالفيروس H1N1 الجديد، والتي تأكد حدوثها في كل بلد وكل إقليم في العالم تقريبا، وتبين من تحليل عينات المختبرات أن الفيروس الجديد لم يسبق له الدوران في البشر من قبل، وذلك بعد معرفة أول إصابة به في أبريل 2009، وأنه مع انتشار الفيروس ظهرت له أنماط وبائية لم تظهر أثناء أوبئة الأنفلونزا الموسمية، وغيرها من الأسباب التي تبين من خلالها أنه فيروس مختلف.
وعن مبالغة المنظمة في خطر الفيروس، قالت إنَّه عندما أعلنت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، عن بدء الجائحة في 11 يونيو 2009 أعربت عن رأي مفاده أن الجائحة ستكون متوسطة الشدة، كما أشارت إلى أنَّ عدد الوفيات التي حدثت في العالم نتيجة لها يُعتبر صغيرًا نسبيًا، وقالت بوضوح: "إننا لا نتوقع أن نشهد طفرة مفاجئة وهائلة في عدد الإصابات الوخيمة أو القاتلة".