المؤسسات الدينية للمتعافين: التبرع ببلازما الدم واجب والمتاجرة حرام شرعا
صورة أرشيفية
جددت المؤسسات الدينية دعوتها للمتعافين من وباء كورونا للتبرع ببلازما دمهم لمساعدة المصابين.
وقال الأزهر الشريف، إن بيع المتعافي من كورونا بلازما دمه حرام شرعا؛ وسلوك لا ينبغي أن يتعامل به مريض الأمس، مع مريض اليوم.
وأوضح الأزهر، في فتوى لمركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية أن العافية هي خير النعم على الإطلاق بعد الإيمان بالله سبحانه؛ ومن شكر نعمة العافية بعد الإصابة بفيروس كورونا أن يتبرع المتعافي ببلازما دمه لمصاب؛ كي يخفف ألمه، ويمسح دمعه؛ حسبة لله سبحانه، وحمدا له، وعملا بقول سيدنا رسول الله ﷺ: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" [أخرجه مسلم].
وتابع بأنه لا يجوز شرعا بيع المتعافي لبلازما دمه مستغلا الجائحة؛ إذ أن جسد الإنسان بما حواه من لحم ودم ملك للخالق سبحانه لا ملكا للعبد، ولا يحق لأحد أن يبيع ما لا يملك.
وأوضح الأزهر أن استجابة المتعافين واجب كفائي إن حصل ببعضهم الكفاية، وبرئت ذمتهم، وإن لم تحصل الكفاية إلا بهم جميعا تعين التبرع بالدم على كل واحد منهم وصار في حقه واجبا ما لم يمنعه عذر، وإن امتنع الجميع أثم الجميع شرعا؛ وذلك لما في التبرع من سعي في إحياء الأنفس، وامتناع المتعافي عن التبرع مع قدرته فشح نفس، وضعف يقين، وأثرة وأنانية، ولا شك هي أمور مذمومة، مذموم من اتصف بها آثم.
مركز الأزهر العالمي: تنافسوا في أداء تلك الفريضة
وأهاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية بالمتعافين أن يتنافسوا في أداء هذه الفريضة ونيل أجرها العظيم؛ فقد اختصهم الله سبحانه بفضله، وشملهم بلطفه، وجزاء الإحسان عند الله إحسان.
فيما دعت دار الإفتاء المصرية لأخذ "بلازما الدم" من المتعافين من "فيروس كورونا المستجد" للمساعدة في علاج المرضى الحاملين له؛ وأنه على المتعاطفين تحمل المسؤولية المجتمعية التي تقع على كاهلهم للقضاء على هذا الفيروس، ويثاب الشخص المتعافي على تبرعه.
دار الإفتاء: أخذ البلازما من المتعافين يندرج تحت باب إحياء النفس
وأكدت الدار أن أخذ "البلازما" من المتعافين للمشاركة في حقن المصابين هو من باب إحياء النفس الوارد في قوله تعالى: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" وهو أيضا من باب التضحية والإيثار اللذين أمر الله تعالى بهما وحث عليهما في قوله سبحانه: "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة".
وبينت أن علاج المرضى وإنقاذ المصابين وإغاثة الملهوفين والمنكوبين من الواجبات الأساسية على المسلمين؛ لأنها تعد أهم الضروريات المقاصدية الخمس التي قام على أساسها الشرع الشريف، وهي ضرورة حفظ النفس؛ حيث إنها تدخل دخولًا أساسيًّا في حفظها.
يقول الإمام العز بن عبدالسلام في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" في معرض ذكر أمثلة على تقديم الفاضل على المفضول من المصالح سواء كانت واجبة أو مندوبة؛ مُقرِّرًا أن إنقاذ النفس مما قد تُشْرِفُ عليه من خطر هو -قبل كل شيء- تأديةٌ لحق الله تعالى بالحفاظ على النفوس: "تقديم إنقاذ الغرقى المعصومين على أداء الصلوات؛ لأن إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل من أداء الصلاة والجمع بين المصلحتين ممكنٌ بأن ينقذ الغريق ثم يقضي الصلاة، ومعلومٌ أن ما فاته من مصلحة أداء الصلاة لا يقارب إنقاذ نفس مسلمة من الهلاك".
وكذلك لو رأى الصائم في رمضان غريقًا لا يتمكن من إنقاذه إلا بالفطر، أو رأى مصولًا عليه لا يمكن تخليصه إلا بالتقَوِّي بالفطر، فإنه يفطر وينقذه، وهذا أيضًا من باب الجمع بين المصالح؛ لأن في النفوس حقًّا لله عز وجل وحقًّا لصاحب النفس، فقدَّم ذلك على فوات أداء الصوم دون أصله.
وشددت دار الإفتاء في فتواها على أن امتناع المتعافين من "فيروس كورونا المستجد" من أخذ البلازما يَفوُت به إنقاذ مَنْ أَشْرَف على الهلاك أو خِيفَ من تَدَهْوُر حالته الصحية، وفي ذلك فوات حفظ النفوس الذي هو مقدَّمٌ في الشرع الشريف.