الإمام الطيب: التراجع في مجال القيم الروحية نتج عنه ملحدين أو متشددين
شيخ اﻻزهر
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الله تعالى أتاح لوثيقة الأخوة الإنسانية من الانتشار ومن اهتمام دوائر عالمية بشأنها بأكثر من المتوقع، وكان الإخلاص في تقديم خدمة متواضعة للإنسانية المرهقة هو من وراء النجاح النسبي لهذه الوثيقة، مبينا أنه سبق إصدار هذه الوثيقة تأمل مشترك طويل في واقع عالمنا المعاصر، وتقدير نجاحاته ومعايشة آلامه وكوارثه، وخصوصا: "كوارث منطقتنا التي نعيشها ونتنفسها آناء الليل وأطراف النهار".
وأوضح خلال الحلقة 29 ببرنامجه الرمضاني "الإمام الطيب" أن أهم أسباب أزمة العالم اليوم يعود إلى تغيب الضمير الإنساني وإقصاء الأخلاق الدينية، وإحياء النزعة الفردية والفلسفات المادية التي تضع القيم المادية الدنيوية موضع المبادئ العليا السامية.
وأضاف شيخ الأزهر أنه مع الإيمان العميق بالجوانب الإيجابية والإنجازات الرائعة غير المسبوقة التي حققتها حضارتنا الحديثة اليوم في أغلب المجالات، إلا أننا لم نستطع تجاهل التراجع الحاد الذي حدث في مجال القيم الروحية والشعور بالمسؤولية، وما نتج عنه من طغيان شعور جارف بالإحباط والعزلة واليأس دفع كثيرين إلى الانخراط إما في تيار التطرف الإلحادي واللاديني، وإما في تيار التطرف الديني والتشدد والتعصب الأعمى، وإما بتبني كثير من الشباب لأشكال من الإدمان والتدمير الذاتي والجماعي.
وأشار إلى أن هذه الوثيقة التي تتحدث باسم الدين الإلهي في مظاهره وتجلياته في الأديان السماوية، جاءت لتخاطب العالم من خلال ثوابت اتفق عليها الجميع منها ما يلي:
- التشديد على أن الأزمات السياسية الطاحنة مع الظلم وغياب عدالة توزيع الثروات الطبيعية، أعقبت أزمات قاتلة من الفقر والخراب والحروب وموت ملايين الأطفال جوعا وعطشا مع صمت عالمي غير مقبول.
- التنبيه على ضرورة توقف الهجوم على الأسرة، وأن التشكيك في أهمية دورها من أخطر أمراض العصر.
- التأكيد على أن الهدف من الأديان هو الإيمان بالله وعبادته، وحث الناس على الاعتقاد بأن لهذا الكون إلها يدبره ويحكمه، وأن الأديان هي ينابيع الأخلاق الكابحة لضراوة النزعات الشريرة التي تحول حياة الناس إلى جحيم.
- الأديان لم تكن بريدا للحروب، ولا باعثة لمشاعر الكراهية والعداء والتعصب، ولا مثيرة للعنف وإراقة الدماء، وأن هذه المآسي التي ارتكبت باسم الدين أو تحت لافتة الدين هي حصيلة تأويلات منحرفة لجأت إليها طائفة من بعض رجال الأديان من أجل تحقيق مقاصد سياسية واقتصادية دنيوية ضيقة.
- طالبت الوثيقة بالوقف الضروري لاستخدام الأديان والمذاهب الدينية في تأجيج نيران الكراهية والعنف، وكذلك بالكف عن استخدام الله في تبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب.
- أكدت الوثيقة أن الله لم يخلق الناس ليقتلوا، وأنه -سبحانه- في غنى عمن يرهب الناس باسمه.
- الحرية حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وتعددية الخلق، عقيدة ولونا وجنسا وعرقا ولغة، إرادة إلهية ومشيئة عليا لا يمكن تبديلها ولا تغييرها.
- الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر؛ يخفف كثيرا من حدة فلسفات الصراع والتصادم، ويسهم في احتواء المشكلات الناتجة عنها. - حماية دور العبادة على اختلاف أنواعها واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية.
- الإرهاب ليس نتاجا للدين، حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته، وإنما هو نتيجة تراكم أفهام خاطئة لنصوص الدين، ونتيجة سياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي.
- يجب وقف دعم الحركات الإرهابية عند بكل صنوفها وعند أبتاع كل الأديان، ووقف إمدادها بالمال والسلاح والحماية.
- يجب ترسيخ مفهوم المواطنة القائم على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.
- يجب التخلي عن مصطلح الأقليات لما يحمله من معاني العزلة والإقصاء إلى نداءات أخرى كثيرة في مجال الاعتراف بحقوق المرأة، وحقوق الأطفال وحماية المسنين والضعفاء، وأمور أخرى.
- اختتمت الوثيقة بنودها بالدعوة للمصالحة والتآخي بين أتباع الأديان، لأنه لا سلام بين الأديان إلا بالسلام بين علماء الأديان.